الخميس، 15 نونبر 2007

الإنسانية المتغيرة

التغيير من القواعد التي تمشي على الحياة والكون ، وهو من الناموس الكوني الذي وضعه الله خالق هذا الكون كي لايحس الإنسان المخلوق الأسمى في الأرض بالرتابة ، وهو من الأدلة القاطعة التي تثبت بها ألوهية الرب في الكون ، فالتغيير قاعدة في الحياة له ارتباط بالتجديد والتطور، والمقابل لهذا التغييرالثبوت والسكون، وهذه الصفة لايتصف بها إلا العدم، وإن حصل التبوت في شيء فإنه من قبيل الإستثناء، وكل شيء قابل للتغيير، ، سواء بشكل إيجابي أو بشكل سلبي، والحكم في ذلك يبقى حسب النتائج، ومنذ أن خلق الله الكون وهو في تغير مستمر، والإنسانية تتعامل وتتكيف مع هذا التغير حسب الأحوال والظروف ، فمن الناس من يساير هذا التغير ويتابعه بالحكمة والعقل ، ومن الناس من يساره بالتقليد الأعمى، فيرتبط بالتنوع من خلال هواه ورغباته، ولايملي له هذا التغيربأي حكمة أوفائدة ، ومن الناس من لايساير الركب ويبقى بعيدا عن التطور الحاصل في الكون، ولايشمله التطورإلا بأثر رجعي، وهذه آفة الأمة المتخلفة عن ركب الحضارة، والمتقوقعة عن نفسها، فكي تكون فاعلة في التغيير، تبقى مفعولة بها، فيشملها التغيير بحكم القاعدة والأمر الحتمي، ولا تنفعل مع التغير في وقته وآنه، ومن الأمم التي تمتلك مفاتيح العلوم والتكنلوجيا و لها من الرصيد العلمي والمعرفي والتقني ما يجعلها تصل إلى حد التنبؤ بالتحول قبل الوقوع وأثنائه، مما يجعلها مواكبة للتغيير غير متفاجئة به، وبالتالي تكون الأكثر أمما منتفعة به عن غيرها والأقل أمما تضررا، إن كان للتغيير أثر سلبي علىالإنسانية.

وإذا رجعنا إلى الكون بأكمله ،وتأملنا في ماخلقه الله في البدء، وجعله مصدرا للحياة وأمارة للبقاء والإستمرار، نجد أن كل شيء في الكون يعبرعن الإستمرارية والتغيير، وأن صفة الكمال مرتبطة به وحده ، وأنه الوحيد المنزه عن التحول والتغيير ، وهذا التغير ينعكس على الإنسان حسب الأحوال والظروف، والكون و الإنسان هما المفعولان بهذا التغير، غير أن الإنسان فاعل من جهة ومفعول من جهة ثانية، وأما الكون فمحكوم بالتغير من دون إرادة، ولا يتفاعل مع التغيير، بل يشكله، وهو عنصر فيه ، والحكم لأمر الله في ذلك ، وأما الإنسان بحكم العقل والسلطة والخلافة في الأرض، فإنه يسبق التغير أحيانا ويتهيئ إليه قبل الوقوع، ويسايره ويداريه ، وذلك بتهييئ الأسباب والوسائل والعمل على مواكبة التغيير وجعله في خدمة الإنسانية وصالحها، وإن كان من نفع، عمل على تعميمه، وإن كان من ضرر عمل على حصره وتقليصه وحتى تجنبه، ونبه الناس الى آثاره السلبية على الحياة والناس، و بالتالي امتلك الريادة في ذلك.

وأسباب التغيير كثيرة و متنوعة :

منها ما هو مرتبط بأنشطة الإنسان، سواء الإيجابية منها والسلبية، فأي عمل للأنسان إلا وله أثره على الكون، و على التغيير فيه، وهذا التغيير يبقى رهين تلك الأنشطة ، فإن أساء الإنسان التصرف أفسد الحياة ودمر الكون وبالتالي كان التغير سلبيا، وإن أحسن العمل والتصرف كان التغير الى الأحسن، وهنئ به الإنسان وسعد.

ومن التغيير ماهو مرتبط بالحياة والبقاء، وهذا التغير يبقى الفاعل فيه هو الله وحده دون غيره والناس مسيرون فيه فيقع عليهم هذا التغيير بمشيئة الرب وحكمه في الكون ، وهذا التغييريدخل في ناموس الكون ونظامه ، غير أن الله منح للإنسان القدرة على الفعل والتأثيرفي الطبيعة الكونية والعمل على الإصلاح والتطور وحتى التغيير النسبي ، غير أن هذا أحيانا ينقلب الى طغيان وفساد إذا انعدم الضابط الأساسي للفعل الإنساني وهو الدين والعقل.

ونماذج التغيير في الكون والإنسان كثيرة، وقد بحث العلم في ذلك وأنجز العديد من البحوث وقعد بعض النظريات بفضل ما تيسر له بحكم التطور العلمي والمعرفي الذي وصل إليه الإنسان ، فأتبث العديد من أشكال التغيير في الكون والحياة والإنسانية، وبقدر الإستمرار في الحياة والبقاء بقدرالإستمرار في التغيير، والعقل والعلم يؤثران ويفعلان في التغيير، وأحيان يشرحانه ويكيفان الحياة اليومية معه، غير أن الإنتقال من الحياة الفانية الى الحياة البرزخية تغيير مصيري شامل و رباني ليس فيه مجال للعقل والإدراك الإنساني .

التغيير الإيجابي

أخي في الإنسانية ، إن تدبير التغيير الذي يعرفه العالم لايجب أن يكون تدبير إذعان ، بل يجب أن يكون تدبيرا عقلانيا، تدبير يقبل ويرفض ويصحح أحيانا، تدبير يمشي وفق الفضيلة والأخلاق، وفق القيم الدينية والإنسانية النبيلة وفق كل ما هو صالح للكون ومن فيه وللحياة، ويعمل على حفظ وبقاء النسل البشري، تدبير يجلب النفع والخير ويدفع الشر والمضرة.

ليس كل تغيير أو تغير وقع أو سيقع يجب على الإنسان مسايرته، فمنه الخبيث الضار الذي كانت آثاره على الحياة والإنسانية في غاية السلبية ، فعلى الناس في مثل هذه الحالة مقاطعة هذا التغيير ورفضه ، وعند الضرورة العمل على منعه، فكم هي العديد من الأشياء التي أصبحت اليوم عند الناس عادة وشيء مألوف وهو في الحقيقة عيب ومخالف لطبيعة الإنسان بل وضار بها، ويحسبه الناس من التغيير وهو ليس من ذلك بل من القلب أي المقلوب والشذوذ المخالف.

أخي في الإنسانية عليك الثبات على الحق،لا تجعل التغيير يستهويك ويبعدك عن الفضيلة ، فيغير الشيء الحسن فيك ، ويغير إنسانيتك، فيجعلك كالآلة في هذه الحياة ،بلا عواطف ولا أحاسيس ولا مشاعر، لاتغير القيم النبيلة فيك، لاتغير الشهامة والوقوف الى جانب الحق فيك، ولا تنسى أن الحق في إنسانيتك، لاتغير ويقيمك وإيمانك بالله، فلا إنسانية بدون إيمان بالله، ولاإيمان بدون عقيدة، ولاعقيدة بدون دين، ولاتغيير في الدين الحق، فهذه الأمور من الثوابت التي لايجب أن يشملها التغيير ولاالتغير .

كن حريصا على الحق والحقيقة ، على الأخلاق والدين ، فإنه سيأتي زمان ، وهو قريب جدا، سيتغير الإنسان ليس في الشكل ولكن في القيم والإنسانية، وستتحكم فيه الآلة، والقانون الذي سيفرض عليه هو قانون الآلة، وسيمشي حسب العد والضوابط المادية والمعلوماتية للآلة، وسيكون الحاسوب هو المحرك الحقيقي لكل شيء، وقد يختلط دوره في بعض الأحيان مع دور الإنسان، وقد يشمل هذا التغير في الأدور حتى بعض الخصوصيات التي هي من خصائص الإنسان وقدراته ، غير أن ذلك سيكون من قبيل المغالطة والغلو في تقدير الألة وتعضيم قيمتها والإعتماد عليها إلى درجة الإقرار بصحة كل ما يصدر منها حتى في بعض الأمور البعيدة عن المنطق والمرتبطة بالعواطف والأحاسيس والمعتقد، ولن يتأتى هذا إلا لضعاف النفوس والإيمان، والإيمان بالإنسانية هو المنقذ من هذا الغلو، وتصحيح القيم والرجوع الى الأخلاق السبيل الأمثل للخلاص، والتمسك بالدين الحق الطريق الأقوم للإنسانية الحقة، بل هو الفاروق بين الحق والضلال، فلاتغير ولاتغييرفي الأخلاق والقيم والمبادئ بل يجب التمسك بالفضائل الإنسانية الموروثة والراسخة في الشرف والنبل عند الفضلاء من الناس من الرسل والأنبياء والأولياء والصلحاء والحكماء والزهاد وأهل البر والتقوى وأهل العقل والرأي السديد والمحبين للناس والمدافعين عن الحياة والإنسانية الحقة كما أرادها وخلقها الرب
.

الجمعة، 5 أكتوبر 2007

السلطة الإنسانية


إن مصطلح السلطة يحمل في طياته سحرا ورهبة ، وقوتة تكمن في كونه يجمع بين هذين الأمرين ،والمالك لهذه السلطة إما عادل أوجائر، والعادل من أحسن العمل بها ، والجائر من أساء بها على نفسه وغيره، ولكل واحد من الناس له حدود المسؤولية في السلطة، وبقدر هذه الحدود يتحمل نصيبه فيها، وعليه أن يتيقن أن السلطة منه تمتد ، والعارف لها يتمكن منها، والناس في السلطة مراتب، أعلاها قيادة الإنسانية كلها، وأدناها سلطة النفس ، والسلطة قد تكون منحة من الله ، وقد تكون من الناس ، وقد تكون من النفس.

أما السلطة الممنوحة من الله للإنسان فهي الخلافة في الأرض ، وهي أرقى سلطة عند الإنسان ، والناس مسؤولون ومحاسبون في النهاية عليها، ولهذه السلطة أشكال ومراتب، ومن أشكالها السلطة على النفس و الجوارح، ومن مراتبها الإمارة والإمامة والنبوة وغيرها. وأما السلطة الممنوحة من الناس، وهي المسؤولية في الحكم والتسيير وتدبيرالشأن، وتوجيه العامة، وفرض القوانين، وبناء المؤسسات، والقيادة، وأما السلطة الممنوحة من النفس فهي السلطة الآدمية للإنسان، وبها يتصرف كبشر، ويعمل على تحقيق وإشباع رغباتة وحاجياته.

وهذه السلط تزداد وتنقص حسب شخصية الواحد وحسب قدراته، و ليس الناس على حرف واحد في ذلك ،فمن الناس من يسعى بكل ما أوتي من قوة لإكتساب السلطة بل وللسيطرة والتسلط، وهذا النوع من الناس ميال إلى الآدمية وحب التملك والتسلط على الغير وهذا مناف للأخلاق ومخالف للمبادئ والقيم الإنسانية، فالسلطة أمانة ومسؤولية وهي تكليف وأخذ على العاتق، وليست ترفا ولا تشريفا، والمرشح للسلطة يجب أن يكون قادرا عليها ومقدرا لها، وأن لايكون همه ورغبته في التحكم في رقاب الناس بل في إقرار الحق والدود عن الناس وحفظ إنسانيتهم و الوقوف الى جانبهم، ولن يتأتى هذا إلى بالرجوع الى الإنسانية .

والسلطة عبر التاريخ لها محطات كثيرة ومتباينة، العاقل يستخلص منها الحكم والعبر ، وقد عرفت الإنسانية نماذج من السلاطين، فمنهم الطغات، ومنهم الجبابرة، ومنهم الفضلاء والعادلين، ومنهم الإنسانيون والصلحاء، والكل يقود الرعية وفق ما يراه حق وحقيقة ، غير أن الأمرأحيانا يكون على خلاف ذلك، وقلة هم رجال السلطة القياديون الشرفاء ، والإستمرار في السلطة يسقط في الإستبداد في الغالب ، والخلاص في ذلك يكون بالتداول ، والحكمة الربانية قضت بذلك في جميع الإمور ، فمهما طال حكم الفرد فإنه آل إلى زوال ، غير أن التغيرقد يكون إلى السيء كما قد يكون إلى الأحسن ، والعبرة في الخواتم، وجور السلطان آل الى الزوال مهما عظم ، والسلطان العادل حكمه الإستمرار، وسقوط السلطان العادل يكون إما في ضعفه ، أو في كثرة الرعاع والجهلة في رعيته.

ومن المفاسد التي تهددالسلطة العادلة ، إذا فقد الناس إنسانيتهم وغلبوا شهواتهم على أخلاقهم، ومالوا إلى الجور لبعضهم، أو سكتوا عن الحق، وشهدوا بالزور، وكثر الراشي والمرتشي بينهم، عند ذلك يرفع سلطان العدل منهم ويحل محله سلطان الهوى ، وهذا السلطان يحكم فيهم بغير العدل والإنصاف، فيظهر الجور ويعم الفساد، فيعيش الناس عيشة ضنكا .

والتطور الذي لحق السلطة في عصرنا ، جعل القانون فوق الكل، والناس سواسي أمامه ، والسلطة تطبق وفق القرائن المادية، ومن ظهر فساده نال عقابه، وهذه القرائن قد تظهر وقد لاتظهر، والقوانين الوضعية لاتحمي المغفلين والسدج، وهناك من قد يتملصون من القوانين، ومن أحسن التخفي والتستر فر من العقاب، والأقوياء في الغالب يعرفون ويحسنون ذلك، وقد ينسل معهم الأذكياء، ومن فاته ركب ذلك بقي في الأسفل، فيقع عليه جور الأقوياء ولاسند له في ذلك إلا الرشوة والهدايا ، وهي قريبة من الأتاوي وسكوك الغفران التي كان الناس يقدمونها للأقوياء في زمن الطغاة ، زمن ابتعاد الناس عن إنسانيتهم، هكذا يكون لهذا التطورأثر عكسي،لأن مفهوم السلطة مفهوم مادي،و الحقوق تنبني على الحقائق المادية والملموسة ، والجانب الأخلاقي معطل أو شبه ذلك.

غير أن السلطة الحقة هي سلطة الإنسانية والناس أجمعين، فالكل سلطة، لأن أصل السلطة لله ،وقد حمل الناس هذه المسؤلية كل في موقعه وحسب قدرته ، وحتى لاتعم الفوضى لابد من اختيار قائد يتولى الإشراف على تقسيم المهام والسلط، ولايجب أن يفرض هذا القائد على الناس ، وأن لايدوم الى الأبد ، لأن الدوام من خاصية الرب الأحد، ولابد من تفريق السلط بين القياديين، وأن يكون على رأسهم المرشد، والمرشد لاتقدس سلطته، بل تحترم وتبجل، والأمر في النهاية للناس فالسلطة التي توافق الإنسانية وتدافع عنها هي السلطة الحقة، وغير ذلك ظلم وجور ومخالفة للحكمة الربانية وابتعاد عن مفهوم السلطة الحقة، سلطة الرب في الناس والكون.

ولهذه السلطة أشكال، وهي لاتخرج عن نطاقين أساسين: إما مادي وهوالأساس الأول، أو روحي وهو الأساس الثاني، وكلاهما يكمل الآخر، ولاتستقيم السلطة إلا بهما. فالأساس المادي يضم كل ما هو مادي في السلطة، ولايسمح بطغيانه ، لأن في ذلك مفسدة ، وهوما يعيشه العالم اليوم ، حيث طغت القيم المادية على النفس ، وأصبح الحق والصحيح مرتبط بالمادي ، والروحي جانب رماه الدهر وراء ظهره. والأساس الروحي هو الذي يشمل الجانب الفكري و الأخلاقي والنفسي والديني، وهذا الجانب أضحى غريبا بسسب عدم الإقبال عليه من طرف الكثير من الناس اليوم، وانشغالهم بما هو مادي صرف، وغربته هي التي قادت إلى التفكير بإحيائه بين الناس لأنه يشكل النقص في كمال حقيقة السلطة وتمامها.

إن السلطة الحقيقية بمفهومها الإنساني الأسمى هي سلطة الرب ،وهي التي ستسود في الأرض ،وتعطيلها راجع إلى ابتعاد الناس عن حقيقتها وانشغالهم بالجانب المادي من السلطة، وإرجاع العمل بها لايتحقق إلا بالمقومات الأتية :

الحب : ولابد من السلطة أن تكون مبنية على حب بين الراعي والرعية ، و أن يكون الحب متبادل بين الجميع، والكلاهما يقدر ويحترم الآخر .

التواضع : وهوسمة تجعل الناس يحبون القائد المسؤول ويثقون بمواقفه ويحسون بقربه، ولاتتحقق سياسة القرب إلا بالتواضع والتحلي بالنبل والفضيلة.

الإيثار : وهنا تكمن التضحية ويتجلى العزم على العمل لصلح الرعية وعدم الجري وراء المنفعة الخاصة، و الكسب الحرام.

الإنصاف : وهوإقرار الحق والدفاع عنه وانصاف المضلوم وإرجاع الأمور الى نصابها، وبسط الأمن والأمان وتحقيق العدل والمساواة .
الثقوى : وهو التدين والإخلاص في العمل لله، واعتبار السلطة التي تملكها ليست لأجلك وإنما هي لصالح الناس والإنسانية ، وهي أمانة من الرب في عنقك وعلى
عاتقك، وأنت مسؤول أمام الناس والتاريخ والله في النهاية

الأربعاء، 29 غشت 2007

الحروب الإنسانية

حقيقة الحرب

منذ القدم ابتلي بنوالبشر بهذه الظاهرة ، ظاهرة الحروب والصراعات والنزاعات والإقتتال ، وهذه الظاهرة ليست مقتصرة على الإنسان وحده بل هي غريزة في جميع
المخلوقات الكونية التي خلقها الله ، وقد عرفت الإنسانية العديد من الحروب والنزاعات ، كانت بلاء على الإنسانية وعلى الحياة وكلفت ما كلفتها من تدمير وإزالة ومحوللحضارات ، وعانا منها الإنسان ما عانا من الآلام ، وسفكت بسببها ما سفكت من دماء بشرية بريئة ، لكن حقيقة الحرب في نهاية الأمر لا مرد منها أحيانا لردع الطغاة ، وقهر العدوان ،وجبر المعتدي على التراجع والإستسلام والإندحار .

والحرب أمر مهول وخطير ، والإعلان عنه يجب أن لا يتخد بالسهولة والتسرع، بل يجب أن ينطوي على الحكمة والتريث، والتفكير في اجتنابه ما أمكن ، إلا عند الضرورة ، وأن يكون القيام به في نفس حجم المعتدي أو يزيد عنه حد الذي يجعله ينكفف على نفسه ويتراجع عن غيه . والحرب من الظواهر الإجتماعية التي يجب على المجتمع الإنساني أن ينظمها ويضبطها حتى لاتكون نتائجها خطيرة ووخيمة على الإنسان والأرض .

والحرب فيها الجانب الإنساني الشريف ، وفيها الجابب البهائمي الوحشي القبيح والمخز، وقدعلمنا التاريخ الإنساني بما قدمه لنا من النماذج في الحروب الشريفة والتي كانت تتسم بالمبارزة والمقاتلة وليس التدميروالتقتيل والقضاء على الحضارة والإنسان وغيرها من الحروب القذرة الشاملة الباطلة والمبالغ في رد الفعل بها.

إن الحروب اليوم رجعت بنا الى الحروب الأولى الموغلة في التوحش ، حيث كانت سمتها الضرب في كل شيء ، والقضاء على أي شيء ، بل القضاء على الحياة دون تمييز للمقاتل وغير المقاتل ، فكانت الأمم المغلوبة بعد الحرب تعيش في القهر والذل والإستعباد والمهانة دون مراعات للإنسانية ، و في المقابل المنتصر يصول ويجول دون وازع أخلاقي، يعبث في المجتمع المهزوم كيف يشاء ، وكانت السمة الغالبة في هذه الأفعال الإنتقام والتفشي .

والحرب إذا لم تتصف بالنبل والشرف والأخلاق فهي حرب قذرة وشقية وباطلة ، المنتصر فيها مغلوب ومهزوم لأنه فاقد للإنسانية ومتوحش وبهائمي لايفكر سوى في الإنتقام و الرد السلبي الضعيف .

وإذا تأملنا حرب اليوم ،نجدها حرب ويلات ودمار وهزائم ، فهي لم تحقق أي شيء للإنسانية قط، فقط أضافت بؤرا جديدة للتوثروالبؤس في العالم، وكلما انضافت هذه البؤر إلا وازداد التوتر في العالم ، وكلما ازداد هذا التوترفي الأرض ازداد معه الإبتعاد عن السلم والأمن والأمان في العالم، وبقدرما تخلق هذه البؤر وتزداد بقدر ما تروج سياسة الحقد وينتعش فكر الضلال والحقد ، وفي المقابل يخرس صوت الحق وتقيدالفضيلة ويلجم لسان الحكمة ، عندها يسود اللااستقرار،وينتشر الرعب والخوف من مجتمع إلى آخر بل ومن نفس إلى آخر، ويصبح الإنسان مقيدا ومهزوما لأنه دائم الخوف من الإنتقام ورد الفعل الذي لايميز بين الصديق والعدو والمهادن .

إن الشقاء الذي تعيشه الإنسانية اليوم سببه هذه الحروب التي بدأت تتكاثر في كل مكان من هذه الأرض ، وهذه الحروب عادة ما يكون محركها الأساسي الشيطان ، هذا الأخير لايجلب إلا الخراب والدمار ، فهو عدو الإنسانية ولا يسعى إلا في خرابها وشقائها وإفساد العيش و الهناء عنها ، والوسيلة الوحيدة المثلى عنده هي إشعال نار الحرب بين بني البشر ، وبقدر ما يستطيع إشعال هذه النار بين بني البشر بقدر مايكون قد نجح في ذلك بشكل كبير ، وبالتالي تتحقق له أمنيته التي يرغبها ويريدها وهي الإفساد في الأرض ، فالشيطان لما كان في حجر الرحمان وكان في صف الملائكة عصى أمر الله ولم يتقبل إنسانية بني آدم وأراد أن ينافسه في خلافة الأرض وسيادة الكون والإستقرار فيه وبنائه وإعماره وخلق الحضارة فيه والتي تجسد جمال الرحمان وملكه وعظمته، وبالتالي تقر بربوبيته وألوهيته.

لقد جادل الشيطان الله، بل الملائكة جميعا قبل تراجعهم وتوبتهم، لماذا كرم الإنسان وكلفه بهذه المهمة دون غيره من المخلوقات، وهل هذا الإنسان يستطيع إعمار هذا الكون أم أنه سيفسد فيه ويسفك الدماء ، وأنه سيتحارب وسيتقاتل ، لكن الحكمة الربانية أبت إلا أن يكون هذا الإنسان هو السيد في هذا الكون وهوالخليفة للخالق وهوالمسؤول في البناء والإعمار ، ولم يبقى لهذا الشيطان من حل لإفسادهذه الحكمة الربانية في منح مسؤولية الحفاظ على الحياة في الكون للإنسان سوى زرع الشقاق بين الناس وإبعادهم عن الرسالة المثلى والتي هم من أجلها وجدوا في الأرض ، وتحويل جهدهم إلى النزاع والحروب و الصراع والقتل والدمار عوض البناء والتشييد والإعمار ، ولن يتأتى له هذا إلا بالتفرقة بين الناس ودفعهم الى التعصب و العصبية، وهذا يخلق نتائج معكوسة غير صحية حتى في الحروب الشريفة، فالمقاتل الذي يقاتل سواء كان جنديا في جيش نظامي، أو محارب في مجموعة مقاومة أو مسلحة مدافعة عن حق مغصوب، أو فدائي متطوع من أجل الحق والحقيقة، أو غيرهم من المقاومين الشرفاء، أقول إذا كانت فيه عصبية وحقد على الآخر فإنه ليس من الإنسانية في شيء ، وليست الحرب التي يقوم بها حرب شريفة، بل شقية وقذرة.


الحروب القذرة

إن الحروب التي تتأسس على العرق وعلى التمييز بين بني البشر هي حروب متوحشة وبهائمية، تدمر الإنسان وتقضي على العرق البشري الذي من أساسه التنوع ، هذا التنوع الذي جعله الله يؤدي الى التشكل والإختلاف في اللون والعرق لا إلى التنافر والتنازع، فالناس بإنسانيتهم جنس واحد، كلهم من أصل واحد، خلقوا لهدف واحد، ومصيرهم واحد، ودورهم الأساسي واحد هو البناء والنماء في الأرض، لا الحروب وزرع الأحقاد.

إن الحروب التي تنبني على المصالح الضيقة والشخصية حروب قذرة غير إنسانية ، وهي صرف للجهود في أمور خاصة وشخصية ضيقة يستغلها الشيطان ويزينها لضعاف النفوس، فتصبح أكثر الحروب إنتشارا وهي في الغالب غير عادلة ولا منصفة ، هكذا يصبح الكون يغلب عليه قانون الغاب ، وتكون فيه الغلبة للأقوى ، والضعيف لامكان له، وإن عاش يبقىمقهورا مسلوب الحقوق .

إن الحروب التي يكون الدافع من ورائها الإختلاف في الرأي ،والرغبة في فرض الرأي الآخر بالقوة و العنوة، هي حروب ضد الفطرة الإنسانية التي خلق الله عليها الناس وجعلهم بعقولهم تختلف آراءهم ، والحكمة في ذلك الإختلاف البقاء والإستمرار والتطورللعقل البشري الذي هو مطية للرقي والتطور و النمو ، إن الذي لايقبل بالرأي الآخر عدو للإنسانية ، والذي يمنع حتى النقاش معه في الرأي جاهل ومتوحش وبهائمي ، لايسمع إلا لنفسه وتتحكم فيه غرائزه ، فالإختلاف في الرأي من مكونات الإنسانية بل ومن مقوماتها ، وكلما تعددت الآراء إلا وانتفعت الإنسانية بذلك ، وتحققت الحكمة الربانية في الخلق والتنوع في الكون ، ووقع التضارب في الأرض الذي هو النقاش والبحث والمقارنة بين الآراء وترجيح الأصح والأصلح للإنسانية .

إن الحروب التي أساسها الإختلاف في الدين حروب خطيرة وقذرة وشديدة ، وهي أشد الحروب إيداءا للإنسانية وقسوة على الإنسان ، فصراع الأديان أو الحروب المقدسة كما يحل للبعض أن يطلقها عليها من أخطر الحروب وأكبرها إن لم نقل أشرسها وأطولها، وآثارها تبقى عالقة و لاتبلى مع الوقت ومرور الزمان، لهذا يجب تحاشي وتجنب إشعال مثل هذه الحروب والعمل على إخمادها ومنع إشعالها بل ومنع الدعوة إلىذلك، وإقناع الناس بالتراجع عنها، وذلك إحياء لإنسانيتهم وإقناعهم بأن الدين كله لله ، وأن الدين الحق هو الأقرب للإنسانية وهو الذي يدافع عن الحياة والبقاء ويحافظ عن النسل والجنس البشري بل والبقاء على جميع المخلوقات الكونية والدفاع عنها .

أخي في الإنسانية لاتتورط في حرب أونزاع، وإن وقع ولم تجد بدا من حمل السلاح ، وكان ذلك هو الخيار الوحيد المتبقى أمامك، فليس عليك من شيء في ذلك، قاتل بشرف وحكمة لأنه من العار أن يموت الإنسان جبانا، وتجنب أن تكون آلة دمار تدمر كل شيء أمامها بدون تمييز، قاتل من يقاتلك وكن إنسانا وتذكر إنسانيتك وأحسن في ذلك، واعف واصفح عند المقدرة ،ولاتعتدي، ولا تتعدى حجم الضررالذي لحقك ، وادفعه عنك ، ودافع عن الإنسانية بالصبر والحكمة ، ولا تقتل الأبرياء من غير المقاتلين أو الحاملين للسلاح ، لا لقتل الأطفال والصغار فهم أبرياء، لا لقتل النساء والعجزة، لا لقتل المدنيين المسالمين، لا لهدم البيوت و المدارس والمنشآت الحضارية دينية كانت أو ثقافية أو مدنية ، لا لقتل الطبيعة وإحراق الحقول والأرض وتلغيمها ، فهذا كله مفسدة ضد الإنسانية، لا لهدم بيوت العبادة والمستشفيات وملاجئ المدنيين غير المقاتلين أو حاملي السلاح ،لا لقتل الأسرى والمستسلمين والتائبين ولا لقتل المعطوبين والمجروحين المصابين .
الحروب الحقيقية

أخي في الإنسانية إن الحرب الحقيقية التي يجب على كل شريف نبيل أن يشارك فيها ويدافع عنها هي الحرب الإنسانية الحقيقية وهي ضد كل شيء غير إنساني ، وكل عدو يحارب الإنسانية ويريد القضاء عليها ، وحقيقة هذه الحرب ،إنها ليست حربا واحدة بل حروبا مستمرة وعلى جبهات مختلفة ...

من الحروب الإنسانية الشريفة : محاربة الفقر ، هذا العدو الكبير الذي يهدد الإنسان في إنسانيته ويجعله يتنازل عنها من أجل آدميته فينتقل من إنسان إلى آدمي لايهمه سوى تلبية غرائزه الحيوانية وهي إشباع البطنة ، هكذا تسقط كرامته ويتحول إلى كائن همه الوحيد البحث عن الأكل والشرب والملبس بأي ثمن. إن الفقر الذي يعرفه العالم اليوم سببه في الأصل الإنسان نفسه، وبه يعيش العالم العديد من المشاكل ، لكن الفقر الحقيقي هو ذلك الفقر المركب والذي يجمع بين الفقر المادي والروحي وكلاهما خطير على الإنسانية بوحده، فمابالك إذا اجتمعا في نفس واحدة .

ومن الحروب الإنسانية التي يجب تعبئة الجميع لها هي الأوبئة الفتاكة والأمراض القاتلة ، فكم هي الأعداد البشرية التي قضت عليها الأمراض وقتلتها وكم هي العقول والأجساد التي ضاعت ورحلت بسببها ولم تستفد الإنسانية من عطائها ، وكم هي العاهات التي خلفتها الأمراض في الإنسانية ، وكم هم العجزة والمضرورين والمقعدين الذين يعانون بوطأتها بيننا، إننا لايمكن أن نسعد وبيننا الأشقياء الذين يعانون من الآلام والأمراض والأوبئة ، وإذا لم نحارب تلك الأمراض فإنها ستصيبنا كذلك سنتضرربها نحن لامحالة .

ومن الحروب الإنسانية كذلك التلوث، هذا العدو الذي يهدد الأرض وسلامة الحياة والإنسان في الكون ويشكل خطرا دائما ومتزايدا على جميع الكائنات لابد من توحيد الجهود من الجميع في العمل على الحد من خطورته واجتناب آثاره ، وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد صف الإنسانية ضد جميع الأنشطة التي تتسسبب في تلوث الحياة سواء العلمية والحربية أو غيرها لمنعها أو على الأقل التقليل منها وضبطها وتنظيمها ثم التفكير في البدائل الصديقة للبيئة والرحيمة بهاوتشجيعها .

من الحروب الإنسانية محاربة الأمية ، فإذا كانت الأمية كمصطلح في مجال التربية والتعليم هو الجهل بالقراءة والكتابة ومحاربتها تكون بتعلمهما، وقد استطاعت العديد من المجتمعات المتحضرة القضاء على هذا المشكل بشكل شبه شامل بين أفرادها ، غير أن العديد من سكان هذا الكون مازالوا يعانون من هذا المشكل ، ويكون سببا كبيرا وراء عدم مسايرتهم لركب الحضارة الإنسانية ، غير أن التطور الذي تعرفه الإنسانية اليوم في العديد من المجالات بشكل سريع ومتزايد ودائم خاصة في المجال المعلوميات واستعمال الأنظمة الرقمية والحاسوب ، جعل من الأمي الحقيقي هو الجاهل بهذه التقنيات وكيفية العمل بها واستعمالها، فهذه الأمور ستغزو حياتنا اليومية وبشكل كبيروالمتخلف عن هذا الركب سيكون عائقا وراء اتساع انتشارها وبالتالي سيكون عائقا وراء تطور الإنسانية، فكم هي هذه الحرب طويلة ومستمرة ومفيدة، وفي نهايتها إنسانية.

من الحروب الإنسانية والتي يغفل عنها الكثيرون ولايعيرونها حقها من الإهتمام، محاربة الجهل والتخلف، والجهل الذي أقصده هنا الجهل الروحي ، وسببه انتشار الأفكار البدائية والخرافات ، وهذه الأفكار تجعل المعرفة الإنسانية حبيسة أفكار هدامة وباطلة بعيدة عن العلم والعقل وبعيدة عن المنطق والحقيقة ، وهي في غالبها أفكار شيطانية بائسة أساسها الشعوذة والباطل والدجل ، وعند انتشارها في المجتمعات تتراجع المعرفة والعلوم والتقنيات ، وبالتالي تنكسر الحضارة وتقف عجلة التطور و التقدم ، فعندما تختلط الأفكار الهدامة والخرافية بما هو روحي حق فإن ذلك يكون نهاية العلم والعقل وبالتالي يظهر الصراع بين ماهو روحي وعلمي فينقلب هذا الصراع الى حرب غير إنسانية لأنه انحراف عن الصواب، فالروح والعقل طاقتين متلازمتين في الإنسانية لاتستقيم الحياة إلا بهما .

من الحرب الإنسانية كذلك والخطيرة محاربة التطرف، وهذا الأخير من الأفكار الهدامة والباطلة وهو عدو الإنسانية ، والتطرف هنا الذي أقصده التطرف المخالف للفطرة الإنسانية والمناقض لها ، فهو دعوة للحروب القذرة الشقية الباطلة والضالة والتحمس المبالغ في ذلك غواية ونزغة من الشيطان ، وكما يسقط التطرف على الأفكار يسقط على المعتقدات وهو أشد وأخطر على الإنسانية، وهو باب من أبواب الشيطان يحرف الجهد الإنساني عن الحق والخير إلى الشر والغواية ، وهذا الشكل من الأمراض أفضل طريقة لمحاربته هو الإقناع والمحاورة ، والدفاع عن الرأي المعتدل وعدم إضعافه، وتمكينه في الأرض ونشره ، كل هذا يجب أن يتم بالحكمة والموعظة الحسنة واختيار الطرق الأنسب والأحسن، والإبتعاد عن التصلب والمواجهة.

ومن الحروب الإنسانية كذلك محاربة الحقد والضغينة وتحويل ذلك بزرع الحب والمودة والصداقة بين الجميع وعدم التعصب للأفكار الهدامة واجتناب الصراعات في الرأي والعرق واللغة واللون ، وزرع بذور التسامح والتصابر بين بني البشر ، واعتبار الجميع إخوة، وأن الناس واحد من الأصل، وأن الإعمار في الأرض هو الأهم .

ومن الحروب الأساسية كذلك محاربة الحروب القذرة والباطلة والهدامة وعدم التحمس لها ولا موالاتها ولا مساعدة ولادعم من يدافع عنها ، وإذا تعسر لك الوقوف في وجهها فإلزم الحياد في ذلك، فإنه الموقف الأصح في تلك الحالة ، إلا إذا كان الحياد سيؤدي الى نتائج معكوسة فإن الواجب الإنساني يلزمك الوقوف الى جانب الحق والفضيلة، هنا يجب عليك أخي الإنسان الوقوف بإنسانيتك الى جانب الجميع المظلوم والظالم ، فنصرة المظلوم تكون بتقديم العون والسند له والوقوف معه ، أمانصرة الظالم فبتقديم النصح له ودعوته بالرجوع عن ظلمه وغيه وجبروته ، وعلى صاحب الحق أن يعلم أن في التضامن مع أخيه الإنسان قوة لاتقهر لأن الله والناس وأصحاب الرسالة الإنسانية كلهم في نهاية المطاف معه.

إن السبب الكبير للحروب القذرة هو الشيطان وهو العدو الأكبر للإنسان والإنسانية ، وهوالسبب في بت الفرقة والشقاق بين الناس وبالتالي خلق وزرع الأحقاد والشر والتطرف والإختلاف السلبي الضدي في الأرض، لهذا يجب محاربته ومقاومته وعدم ترك الفرصة له ليسود العالم ويسيطر عليه ، فالأفكار الشيطانية هي التي تدفع إلى هذه الحروب، والذين يعلنون مثل هذه الحروب هم من الشياطين أو أولياؤهم ، فعلى أصحاب الرسالة الإنسانية التحكم والتريت في إتخاد مواقف نحو هذه الدعوات المتسرعة نحو الحروب والنزاعات القذرة المفسدة الباطلة والمبنية على الظلم والعدوان والإعتداء، فالفكر الحربي فكر هدام وضال، والحكمة تتطلب عدم التسرع في إعلانها ، ولابد في اتخاد مثل هذا القرار أن يكون هناك أكثر من صوت، وأن يتفق الجميع على ذلك، وأن تكون الجماعة الموكلة لذلك تضم الحكماء والعقلاء وأن يكونوا من كبار القوم وأكثرهم رزانة وأقلهم اندفاعا، وأن لايتخد القرارعند التعارض، وأن يكون التصويت سرا.

نداء

أخي في الإنسانية كفى من الحروب الهدامة الباطلة والمدمرة للإنسان والإنسانية ، كفى من الحروب التي أججت الأحقاد في النفوس وزرعت الرعب والويلات والآلام بين الناس جميعا، كفى من هذه الحروب القذرة، ولنقل
كلنا وبصوت واحد لا للحرب نعم للحياة ، وأن تكون كلمة
صادقة ومخلصة.

الثلاثاء، 10 يوليوز 2007

المعرفة الإنسانية


المعرفة الإنسانية هي مجموع المعارف التي يتلقاها الواحد منا منذ بداية إدراكه الى نهاية حياته ، و توقف المعرفة عند الإنسان يعني نهايته ، أو بداية النهاية، فالحضارات القديمة والتي أفلت أو انحطت كان سبب ذلك توقف معرفتها وتراجعه، والعلم مرتبط بطلبه، وتوقف طلب العلم بداية الجهل ، والجهل عدو الإنسانية، ولايحارب إلا بالمعرفة ، وأرقى المعرفة أن يعرف الإنسان حقيقته ، وإذا أدرك حقيقته أدرك الحياة ، وإذا أدرك الحياة أدرك سر تواجده ، وإذا أدرك هذا السر فهم رسالة وجوده ، والفهم بداية العمل على تأدية الرسالة ، وهو مرتبط بالمعرفة ، والمعرفة أنواع منها ما هو حسي، ومنها ما هو عقلي، منها ما هو فلسفي، ومنها ماولاترتقي الى المطلق من المعرفة.

فأما الحسية ، وهي مجموع المدارك التي يتلقاها الإنسان بحواسه، وهي المعارف الأولى التي تشكل رصيده المعرفي والثقافي ، وهي معرفة سطحية وبسيطة، وكانت قديما هي الأساس في الوصول إلى حقائق الكون ، وإن كانت نسبة الصواب تبتدئ بأكثر من الصفر ولاتتعدى الخمسين في المائة، وبها بدأ الإنسان في فهمه واكتشافه للكون وخالقه.

أما المعرفة العقلية فهي التي يكون أساسها العقل ، وهي المعرفة التي تعتمد على المنطق و على الحساب وتميل الى التجربة والإستنباط والسبر والتحليل ،وهذه المعرفة تكون قريبة من الصواب ، و تتراوح نسبة الصحة بين الخمسين إلىدون المائة، ولايمكن أن تكون كاملة لأنها نسبية، وهي تكملة للمعرفة الحسية، فالعين ترى الشمس كالقرص في الحجم لكن العلم أثبت أنها أكبر، ولون ماء البحرأزرق لكن في الأصل لالون له.

وأما المعرفة الفلسفية ، وهي التي تميل الى الرأي وأساسها البحث في الكون وعن الحقيقة بالتأمل واستعمال النظر وهي تجمع بين المعارف الحسية والعقلية والعلمية وتعمل على الإنتقال بها الى المطلق، وهذه المعرفة عادة ما تفتح الباب لإستعمال التأمل وتقديم بعض الإجابات عن الأسئلة التي تطرح والتي يعسر وجود الجواب عليها عند العقل ،وهذه المعارف تبقى نظريات قابلة للخطإ والصواب، وجامعة بين المعارف النسبية .

أما المعرفة القلبية ، وهي معرفة الخاصة من الناس وهم قلة، وهم الأكثر إحساسا بالناس ،والأكثر استشعارا لآلامهم وهمومهم ، وهم الذين يتعاطفون معهم ، ويتقاسمون الأفراح والغنى والثروة وكل شيء في الحياة مع غيرهم، ويشاركونهم همومهم وأقراحهم، وهؤلاء هم الذين توصلوا الى المعرفة الحقة ، حيث عرفوا أنفسهم ، وعرفوا إنسانيتهم ، وعلموا دورهم الأساسي في هذه الحياة وهو خدمة الناس والإنسانية والدفاع عنها، والعمل على تلقين ذلك للناس بدون تمييز وبدون مقابل، فقط أن يعم السلام والأمان، وتتحقق العدالة بين بني البشر ويسود الود والحب بين الجميع، ويعلم الجميع ان الناس كلهم واحد في الحياة، وأن الإنسان جزء من الكون، وأنه منه وإليه، بل الإنسان كون أصغر، والكون إنسان أكبر، وأنهم وحدة عظمى تتجلى فيهم عظمة الخالق الذي وهب الحياة لهذا الكون، وجعل الإنسان خليفته في الأرض، إنه التجلي الرباني في هذا الكون، غير أن هذه الكائنات لاتستطيع الرقي إلى المعرفة الربانية، وعندما تحاول ذلك تسقط في التناقض وتجانب الصواب، لأن قدرتها تبقى دائما محدودة ونسبية، ولن تستطيع الرقي بمعرفتها الى المعرفة الربانية، وإن تأتى هذا لبعض الذين اصطفاهم الله لذلك لايمكن أن يتأتى إلى الكل ، و المشكات التي يتوصل بها الخاصة منهم والذين اصطفاهم الرب لذلك هي النبراس الذي به تضاء الطريق للوصول الى الحق والحقيقة، وهؤلاء هم الرسل والأنبياء والعلماء والصلحاء، والإرث المعرفي الذي يقدمونه يبقى الشعاع الذي به يوجه الناس صوب الحق والحقيقة .

إن المعرفة التى نكتسبها بحواسنا أو بعقولنا ليست سوى صورا تقربنا الى الحقيقة، هذه الحقيقة التي تبقى مغلفة ومقيدة بكل ما هو بشري وآدمي، فيجعل النسبي هو الغالب عن المطلق البسيط والذي يتعسر إدراكه بالنسبي المركب، وكان البحث في الميتافيزيقا الأكثر شيوعا عبر مراحل المعرفة الإنسانية قديما وحديثا، وبقي هذا البحث حبيس مجموعة من التصورات والتي عادة ما يكون مصدرها المادي المحسوس ،أو مجموع النظريات التي استنبط العلم والتجربة صحتها وفاعليتها في التقريب بالمعرفة إلى الصواب وإلى الحقيقة ، وكان السؤال الأكثر طرحا و الأكثر بحثا وجدلا هوأصل ومصدر هذا الكون، وكانت الإجابات التي يتوصل إليها المتأملون عبر المدارس المعرفية المختلفة ؛ وإن كانت أحيانا تلامس جزءا من الحقيقة يزيد وينقص حسب المنهج المتبع وحسب الوسيلة المعتمدة ؛ تبقى دون الغرض المطلوب لإشباع الرغبة المعرفية عند الإنسان ، هذه الرغبة والفضول المعرفي الذي يتغدى بالطاقات التي يختزلها الإنسان من الحسية والعقلية والروحية، وهذه الطاقات تجعل قطار المعرفة في سرعة متزايدة لايمكن أن يتوقف، والأسئلة التي يطرحها العقل البشري لاتنتهي أبدا، وبقدر ما تتسع مدارك الإنسان ومعرفته بقدر ما تزداد الأسئلة التى لايجد لها جوابا وبالتالي يكون ذلك منفذا لطرح أسئلة جديدة، والأجوبة التي يتوصل إليها الإنسان تصبح حلقة جديدة تنضاف الى سلسلة المعرفة الإنسانية وتضمن الإستمرارية والتطور لها.

غير أن هناك معرفة باطنية حقة أوأكثر قربا من الحقيقة لايصل إليها الحس ولا يدركها العقل، وقد يعتبرها أصحاب المعرفة الحسية أو العقلية ضربا من الخيال أو البحث في ما هوغير موجود ، أوبعيد المنال ، أو هو من الخرافات والأساطيرالتي لايتقبل المنطق ولا العقل الإقرار بها، غير أن عدم توصل الحواس أو العقل إليها لايعني عدمها بل أن هناك طاقة خفية وقوية لها من القدرة ما لايمكن للعقل ولا الحس إمتلاكه ، وهذه الطاقة هي الطاقة الروحية الباطنية التي يمتلكها كل واحد منا، وهي خارقة وقوية ، وقوتها تزداد اتساعا كلما تمكن الواحد منا من اكتشافها ومعرفتها وإدراكها، وهذه الطاقة الروحية هي القادرة على سبر واكتشاف هذه المعارف وجعلها في المتناول ، هذه المعارف هي عادة عبارة عن تجارب أو وصفا لحالات مر بها ذلك الإنسان الذي يرى بروحه ما لايراه به غيره بحواسه وعقله، وأصحاب هذه الطاقات ، ورغم قلتهم إلا أن تأثيرهم في المجتمعات الإنسانية يكون قويا.

والسر في هذه المعرفة يكمن بالخصوص في التخلص من القيود المادية التي تتحكم في قدرة الإنسان على استكشاف العالم الفوق مادي ، حيث يسبح العارف في الملكوت الأعلى بعيدا عن الأفكار و الصورالتي تقيد طاقاته، عندها يستطيع التوصل الى حقائق الخلق والكون بشكل جلي، وهذه المعرفة إذا لم يتمهل الواصل إليها في شرحها أو تبيانها فإنه سيسقط في التناقض أوالخلط بين ما هو مادي وما هو روحي، فيحكم الناس عليه بالجهل أو الجنون، وهذا حسب منطقهم، لكن واقع الحال أن الرجوع الى الآدمية في إصدار مثل هذه الأحكام والتسرع في تفسيرها هو السبب في هذا الخلط.

إن الإنسان كلما ارتفع وارتقى بنفسه وتخلص من قيوده الآدمية انتبه وزالت الغشاوات التي هي صور دنيوية حاجبة للرؤيا عنده، عندها يستفيق ويتطلع إلى ما هو أعلى وأرقى وأجمل، فتظهر له الحقائق الربانية و النورانية والتي بها يتواصل مع العالم العلوي ويرقى إلى مرتبة الكمال،ويتأتى هذا من خلال حالتين وهما :

الحالة الأولى - وهذه الحالة لايصلها العامة من الناس إلالماما عند النوم وعن طريق الأحلام الإجابية وليس الكوابيس الشيطانية ، فينتقل الإنسان من المعرفة النسبية إلى المعرفة المطلقة وذلك لحضة سكون عالمه المادي الآدمي .

الحالة الثانية – عند الموت،وهذه المرحلة إجباريةوتابتة، فيها ينتبه الإنسان الى الحقيقة الكبرى فيرى ما لايمكن تصوره في الحياة ،فيظهر له كل شيء عكس ما كان يتصوره في الدنيا، فيراجع شريط حياته كله ويحكم عليه، فيكون الحكم من صنف كسب أفعاله وإنسانيته في الحياة الدنيا، وما خلفه للناس من إرث ورأسمال.
هنا أصل الى أن الناس نيام إذا ماتوا إنتبهوا، فالموت، الذي هو نهاية عند البعض، بداية الحقيقة المطلقة ، وهذه القولة وإن جاءت من أهل التصوف التأملي ، فإن نسبة الصحة فيها قريبة من الحقيقة المطلقة ، فالأرض مرتع الغفلة عن الحق والصواب ،وقد يميل الإنسان نحو الملذات والشهوات فينغمس فيها بدون رقيب ولاحسيب، فيتيه في دروب الهوى والغواية حيث يتصور كل فعل يقوم به صح وحق له، وهو في حقيقة المطاف يؤدي نفسه، ويؤدي غيره، بل يؤدي الإنسانية جمعاء بالأثر الذي سيترتب على أفعاله، والمعرفة الروحية هي الميزان الذي يقيم به سلامة المعرفة واقترابها مالإنسانية، وهي معرفة نسبية، ن الحقيقة التي ليست في النهاية سوى خدمة الناس والإنسانية ، فكل معرفة أو علم يسعد
الناس ويخدمهم حق هو روحي وهو أرقى المعارف وأقربها الى الحقيقة ، والكل يشمل المعرفة
.

الخميس، 21 يونيو 2007

الرأسمال الإنساني


من الطبيعي عند الناس الإهتمام بالإقتصاد كغيره من المواضيع التي تتير الفضول المعرفي اليوم ، وبشكل أخص كعلم يهتم بالعيش الفردي والجماعي ويؤثر في نمطه، والرأسمال من بين أهم مواضيعه وهو مرتبط بالثروة كيفما كان مصدرها ، غير أن الرأسمال الحقيقي عند الإنسان إنسانيته وليس ماله ولا ثرواته ولا إمكانياته ،وكما أن الناس يسعون الى الحفاظ على الثروة، فإن الإنسانية أجدر بذلك. فما هي السبل التي يمكن بها الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها، وحتى ربما تصديرها الى الآخرين .

كم هي الأموال التي أنفقت في سبيل البحث والتنقيب عن الثروات الطبيعية والباطنية عند الناس ، وكم هي البحوث والدراسات التي أنجزت في سبيل ذلك ،فالمكتبة الإنسانية غنية بشكل كبير بمثل هذا، والأمم تطورت بشكل كبير بسبب هذا ، والحضارة المعاصرة الحديثة ارتقت الى هذا الأوج من الرقي، بل وهي في زيادة، بفضل هذا ، لكن هذا كله تطور و تقدم ورقي من الناحية الشكلية فقط ، لكنه في الجوهر يظل زائفا وفارغ روحا، بعيدا عن تحقيق السعادة المثلى للإنسان في عالم اليوم.

فالإنسان كائن حي ، نعم حي بإنسانيته حي بأفكاره ،حي بمعرفته ،حي بعلاقته مع الأخرين أمثاله ، وحي مع علاقته بباقي الأحياء ، حي مع الأرض التي يدب فيها ، حي مع الكون كله ، حي مع العالم المرءي والخفي ،هذا الكائن محكوم بالإنسانية التي هي أساس تميزه عن الآخرين من المخلوقات ، وهي رأسماله الحقيقي الأمثل الوحيد ، فالإنسان لايقاس بالأموال التي هي تحت إمرته وتصرفه ،ولا السلطة التي يمتلك العمل على تحقيق الحق بها، ولا المعرفة التي هومسؤول على تلقينها للأخرين، ولا غير ذالك ، بل يقاس بدرجة خدمته للإنسانية جمعاء ،و يقاس بقدر عطاءاته للناس ومايقدمه لهم مما جعل عليه مسؤولا ومستخلفا .

إن الإستثمار الحقيقي ليس في الأموال ، ولا في الثروات كيفما كان مصدرها ، بل في الإنسان ، والذي بدأ البعض تجاوزا يطلقون عليه مصطلح: المورد البشري ، وإن كنت دائما من المتحفضين كثيرا من هذا المصطلح لكونه يركز في الإنسان على الجانب الآدمي دون الجانب الإنساني المهم فيه ، فالدراسات التي تهتم بالتدبير في الموارد البشرية ، والسياسات التي تهتم بالتنمية البشرية، تفكر فقط في الجانب الآدمي عند الإنسان، وتركز على الحاجيات المادية له والمعرفية ، ولايهمها سوى مايحققونه به من ريع، ومايقومون به من عمل ويؤدونه من خدمة، على أن هناك جانب مهم لابد من الإهتمام به ومراعاته ، إنه الجانب الإنساني الذي يكون له الأثر الكبير على الحياة عند الفرد سواء الخاصة أوالعامة أو المهنية .

كثيرا مانسمع بتدبير الموارد البشرية وما تقدمه من حلول للمشاكل وتعمل على وضع سياسات للرفع من المردودية داخل المؤسسات، ونسمع بالتنمية البشرية وماتقدمه من سياسات من أجل الرفع من المعانات التي يعانيها بنو الإنسان في هذه الأرض بسبب التوزيع الغير العادل للثروات التي حبى بها الله الإنسانية جمعاء ، كل هذه الحلول وغيرها وإن كانت مهمة ولها من الآثار الإيجابية ما يزيل المعاناة و الفاقة عن الناس ، فإنها تبقى نسبية ولابد من مرافقتها بما هو ضروري وأساسي في الحياة الإنسانية وهو زرع وإحياء الوشائج الإنسانية بين الناس وجعلهم شركاء في كل ثروات هذه الأرض بدون استثناء.

أخي فكر في أخيك الإنسان وفي علاقتك معه ، سواء في السكن الذي تشتركه معه، أو في الحي الذي تقيمان فيه معا، أو في الطريق الذي تسلكانه للوصول إلى مآربكم، أو في العمل الذي يجمعكم ، والذي أنتم مسؤولون على القيام به أمام ضمائركم وأمام الناس في الحياة وأمام الله. علم نفسك أنكما معا واحد ، وأنكما الثروة الحقيقية لاالثروات الأرضية لأنها كلها فقط مسخرة لكم لإكتشافها واستغلالها من أجل العيش السعيد لكافة بني الإنسان ، فالناس شركاء في المال وكل ماهو مادي في هذه الأرض ، تجمعهم رابطة الإنسانية وتوحدهم جميعا على فعل الخير والعمل عليه ،ليس الخير في الصدقات التي يتصدق بها الواحد منا ، وليس فيما تجود به النفس للغير مما فضل عليها ، لأن هذا يجعل النظرة للغيرعلى أنه أدنى، لا تنظروا لغيركم على انه أدنى منكم أوأقل ثراءا فالثروة هنا ليست المال ولا السلطة ولا الجاه، وإنما الثروة في الرأسمال الإنساني الذي يمتلكه الشخص ويعمل به لصالح الإنسانية.

فالملكية في الشيء هي ملكية نفعية ، وإن تنفع الإنسان بها فلابد أن تنتقل تلك الملكية للآخر ، هذا الآخر قد يكون الوريث القريب كالبنت والإبن والزوجة والوالدين والأخ والأخت...،وقد يكون الوريث الإنساني وهم الناس كافة ، والناس لايرثون إلا الصالح من الأعمال التي نقوم بها نحن بنو البشر ، فبقيامنا بتلك الأعمال الصالحات نحقق السعادة لأجيالنا ، لأننا نورثهم العمل الصالح ، ونقدم لهم المثل الأعلى في ذلك ، وبقدر مانهتم بالمنفعة الضيقة والشخصية ونورثها للغير ، ينتهي المطاف بذلك الى الصراع على المصالح الزائفة، وتظهر الحروب والأحقاد ، ويشقى الإنسان بذلك عوض أن يسعد ويهنأ، فالرسل والأنبياء والصلحاء والعلماء كلهم ورثوا الإنسانية الصالح من الأعمال والتي تخدم الناس في حالهم ومآلهم ، وتجعلهم إخوة متضامنين ومتحابين، ولم يتركوا لهم الأموال ولا الأشياء المادية، فهي متاع وفي المتناول تحقيقها إذا كانت هناك إرادة حقيقية وعزيمة قوية ، وأن أهميتها لايمكن إغفالها ولانكرانها ، غير أنها ليست الرأسمال الحقيقي عند الناس ولا بها تقاس الثروة، فالأخلاق والفضائل والأعمال الصالحات باقيات ببقاء الإنسان، وحافظات على سر الحياة والحكمة في الإستخلاف في الأرض والحفاظ عليها.




الأربعاء، 6 يونيو 2007

الوشائج الإنسانية

لما خلق الله آدم خلق الى جانبه قرينته حواء ، وربطهما برابطة الزواج، واعتبرها خليلته في الحياة ،و كانا في بداية مشواريهما ينعمان في الجنة ،ثم أنزلا الى الأرض بسب مخالفتهما لأمر الله الذي خلقهما وقربهما وأكرمهما بنعمة الإنسانية وجعل الجنة مستقرا لهما ولكل إنسان صالح حافظ على قيم الإنسانية ودافع عليها وعمل على إحيائها ، هذا الإنسان حمله الله قلادة خلافته ،وكانت بداية الإعمار من كوكب الأرض الذي يعتبر كوكب الحياة ،ولقرب تشابه طبيعته ومكوناته وضروفه مع ماهي عليه في الجنة .

ومن هذين الزوجين تناسلت كل الشعوب والأمم والقبائل ، وتأسست الإنسانية من خلال العديد من الوشائج التي جمعت بين الناس فيما بينهم، فخلقت منهم مجتمع الإنسان الذي كرمه الله عن باقي المخلوقات بانسانيته وغرست فيه وشائج تجمع بين بني جلدته، وتجعلهم لحمة واحدة غايتهم العيش الرغيد في سلام وأمان وتعارف وود وحب .

هذه الوشائج كلما نأى عنها الإنسان وبعد إلا وتراجعت إنسانيته وضعفت واقترب الى الكائن الحي الشبيه بباقي الكائنات ، حيث تنفصم تلك الوشائج والأواصر ،عندها تظهر بين بني البشر العديد من المشاكل والخلافات وتتأسس الأحقاد والضغائن ، وتكثر الصراعات والنزاعات وتتفشى الأمراض الإجتماعية والنفسية وغيرها من الأمراض الخطيرة على البقاء والبناء ، ويبتعد البشر عن حكمة تواجدهم في الأرض وهي الإعمار والتعارف ، وبقدر ما تنفصم تلك الوشائج والأواصر ، بقدرما تتأزم حياة بني البشر بابتعادهم عن انسانيتهم .

إن إحياء هذه الأواصر بين بني الإنسان ، إحياء للنفوس وبقائها، واستمرار للحياة وهنائها ، وأول هذه الأواصر : رابطة الدم والقرابة ، وأشدها وشاجة رابطة الدين والعقيدة ، وبين هذه الأواصر روابط شتى، أذكرمنها مايلي :




أولا / رابطة الدم والقرابة


هذه الآصرة والتي وهي أول ما يفتح الإنسان عليها عينه بين يدي أمه وأبيه ، تتقوى مع مرور الزمان وهو ينعم في أحضان أمه ، ينعم بدفئها وحنانها ويتغذى من طيب حليب تديها ويتعلم القوعد الأولى للحياة منها ، ويترعرع وهو مشمول برعاية أبيه وعطفه، وينمو بين أحضان أسرته الصغيرة ، ومع مرور الوقت تتقوى هذه الاصرة بين الأسرة وتكون هي المنبع الأول لهذه الوشائج الإنسانية والتي يجب الحرص على تمتينها ،وعلى المختصين في مجال التربية والتكوين الإهتمام بهذه المرحلة والعمل على تحسيس الناس بأهمية زرع تلك الوشائج في نفوس الناشئة .

إن صلة الدم والقرابة إذا تأصلت عند الطفل بشكل سليم وصحي ، بعيدة عن الأفكار الهدامة ،من شعور بالتفوق والإستعلاء وغرس للأنانية وحب للذات وغيرها ،ستجعل منه إنسانا يتمتع بإنسانيته ويفيد مجتمعه ، ويعمل من أجل ترسيخ مبادئ الإنسانية بين الناس، وبذلك ينفع نفسه ومجتمعه ، ويكون صلة للخير لا صلة للشر ، لأن وازع الشر فيه موؤود بلا رجعة ، هكذا يصبح المجتمع الذي يزخر بمثل هذه الناشئة بعيدا عن الأمراض التي تصيب المجتمعات إلا لماما .

إن فقدان هذه الآصرة عند الطفل في مرحلة نموه الأولى ، تجعله يكبر بشكل آلي تنعدم فيه المشاعر والأحاسيس الفطرية الأولى التي يكتسبها الناشئ بالفطرة من الأم والأب أو من يقوم مقامهما ، مما يؤثر سلبا على الجانب النفسي في حياته بحيث يكون ميالا الى الشدة في مواقفه، ، سريع الغضب ، وأحيانا يكون فاقدا للتواصل مع أمثاله ومع وسطه ، وقد تظهر عنده نزعة للعنف ، وقد يصاب بالإكتآب والقلق،أو يؤثر ذلك على نموه الطبيعي الجسمي والعقلي .

لايقتصرالثأتير على الفرد " الإنسان" فحسب بل ينعكس هذا على المجتمع سواء من الناحية الإقتصادية بتواجد أطفال من هذه الفئة في المجتمع تشكل عائقا تنمويا قد يكبربتزايد أعدادها ، ويخلق نوعا من الخلايا السرطانية الخفية في المجتمع وتكون سببا في تدميره إذا لم يؤخد بعين الإعتبار علاجها أو حتى استأصالها عن الضرورة.

هكذا ، فالباحث في مقارنة الأديان السماوية سيلمس الإهتمام الذي توليه الأديان جميعها لهذه الآصرة، وذلك من خلال حث الأمهات والآباء على رعاية الرضع والإهتمام بهم ،وبالمقابل تذكير الإنسان في رشده بما قدماه والديه له من الرعاية والجميل وحثه على عدم نكرانه والإحسان إليهما خاصة في الكبر .

من هنا تكمن أهمية هذه الآصرة وتتجلى فائدتها ، غير أن تمة عوامل مؤِثرة على حسن نهجها، وهي :

+* العوامل الذاتية و منها:

=النفسية :وهي الحلة النفسية التي تكون عليها الأم أو الحاضنة وبالتالي تنتقل آثارها إلى نفسيةالطفل .
=العقلية : وهي الوضعية العقلية التي تكون عليها المربية من الأم أو الحاضنة أومن يقوم مقامها ،ومن السهولة ان يتطبع الناشئ على بعض من طبائع المربي .

+* العوامل الموضوعية :

=الأسرة: حيث تنعكس حالة الأسرة بإعتبارها المشتل الذي ينشئ الطفل في بدايته ، وهي على ثلاث مستويات:
1 _ الأسرة القريبة : وهي المؤثر الأكبر _الأم
_الأب
_الأخ
-الأخت


2 - الأسرة البعيدة : الأقل تأثيرا -الأعم والعمة
-الخال والخالة

3-بين القريبة والبعيدة : المؤثر الأوسط:- الجد والجدة
- ابن العم او ابن العمة
- ابن الخال او الخالة

كل هذه العوامل تبقى صانعة للحالة النفسية التي سيكون عليها الطفل، مع تداخل عوامل أخرى منها ماهو مرتبط بشكل مباشر بتكوين الطفل . إن رابطة القربى التي توشج أفراد الأسرة فيما بينهم تمثل آصرة أساسية لخلق نوع من التآز بين الناس وخلق نوع من التواصل و التواد بينهم ، لكن بدون تعصب أو مبالغة أو غلو لهذه الآصرة أو العكس.


ثانيا/ آصرة الجنس والنوع

وهي من المقاربات التي كثر الحديث عنها مؤخرا ، وبدأت تثار كإشكالية من الإشكاليات المرتبطة بالتنمية . غير أن البعض يتحايل في الخوض فيها نحو المرأة باعتبارها طرفا والجنس الآخر مقابلا له ، وتصبح المقاربة بحثا عن حقوق أو حصول عن مكاسب أو طلب للمساواه أو التساوي في الأمور كلها وهذا عن سوء فهم أوتقدير مقصود أو غير مقصود .

والراجح أن عدم فهم اعتبار أن الذكر والأنثى شقيقين من البداية الى النهاية ، أو من أول الخلق إلى نهايته ، هو الذي يسقط في مثل هذه الأخطاء أو المغالطات ، لهذا لابد من الرجوع إلى هذه الرابطة والإهتمام بها وترسيخها إن لم نقل إحيائها في النفوس عند الناس .

لا يمكن تصور الأنثى أضعف من الذكر ، أو الذكر أفضل من الأنثى، أو هو الأكثر نفعا وخدمة للإنسانية ، وهذا من الأعراف والعادات الباطلة التي كانت سائدة عند البشر قديما ، لكن مع الأسف نراها عند البعض حتى في العصور الحديثة والمعاصرة ، فمن الناس من يفضل الذكر عن الأنثى أو العكس يفضل الأنثى عن الذكر ، ويظهر ذلك في التربية الأولى للناشئ ، فينشأ على هذا التمييز ويتربى عليه ، وعندما يكبر ينظر إلى الآخر بأنه أقٌل قيمة وربما يحتقره ويستهين بقدراته ، هكذا تخلق الإشكالية وبالتالي يظهر الصراع .

إن آصرة النوع في نظري رابطة إنسانية كبيرة ، وتنشئة الصغار عليها وجعلهم يحترمون النوع الآخر باعتباره مكمل وسكن للآخر أولوية في التربية ، وكل جنس لايمكن له البقاء والإستمراية دون الآخر. والإهتمام بهذه الآصرة من شأنه أن يجنب المجتمع الإنساني العديد من المشاكل والتي لايمكن حلها إلا بالرجوع إلى الفطرة الآولى التي خلق الإنسان عليها ، وهي ارتباط الذكر بالأنثى برابطة التكامل والتعاون .ولايمكن أن نتصور علاقة الجنس البشري فيما بينهم ، ذكرا وأنثى ، على أنها رابطة زواج فقط ، ولايمكن أن ينظر إلى الجنسين نظرة غرائزية فقط ، فهذه النظرة وإن كانت ملزمة و لايجب إغفالها ،لابد من تهديبها واحترامها ومراعاتها ، فالمبالغة فيها يجعل المجتمع الإنساني ميالا الى الآدمية والحيوانية منه الى الإنسانية والأخلاقية.

لا تجعلو أطفالكم لايحترمون بعضهم البعض ، لابد من تربيتهم تربية يكون أساسها التوافق بين الذكر والأنثى مع الحفاظ على خصائص كل واحد منهم ،وهنا يكمن الفرق لا الفارق ، فخصائص الذكر ليست هي خصائص الأنثى ، ولا تناقض بين خصائصيهما ، وإنما تكامل وتوافق، يؤدي الى الترابط والتزاوج ، ورابط الزواج من الروبط الإنسانية الموثقة بشكل قدسي عند جميع الأديان ، ولايمكن تصور الحياة بدونها .

فآصرة النوع كلما كبرت وتقوت ، وازدادت تأصلا في المجتمع ، إلا تمكن الناس من الإستفادة منها وذلك ب:

*-جعل المجتمع ينعدم فيه التميز بين الأنثى والذكر
*- جعل المجتمع يستفيد من اشراك الجنسين في التنمية
*-القضاء على أشكال الرق والإستغلال بجميع أشكاله
*- عدم هدر الطاقات في الخلافات الجانبية بين الجنسين
*-توحيد الرؤى والجهود نحو العدو الحقيقي اللإنسانية ومحاربته (سوف أتحدث عنه في مناسبة قادمة)

هكذا ستتحول مقاربة النوع التي ينادي بها البعض في هذه الآونة ويتحمس لها الى مقاربة للتكامل والتشارك في المطالبة بالحقوق المشتركة بين المرء والمراة ، فالذكر والأنثى تربطهم رابطة مشتركة وهي رابطة الإنسانية ، غير أن لكل واحد منهم خاصيته الأساسية ، فالمرء ذكر وخاصيته الرجولة ، والمرأة أنثى وخاصيتها النسوية ، وكلاهما يشتركان في الإنسانية ،وكلما تقوت الأواصر الإنسانية إلا وترقى الإنسان الى الأعالي بإنسانيته، وكلما ضعفت الوشائج أو نقصت إلا ونزلت به الى الآدمية وهي القريبة من الآلية والحيوانية .

ثالثا / رابطة الإنتماء الى الأرض


إن الشعور بالإنتماء الى الأرض ، يخلق نوعا من الحب والتقدير للأرض واحترام الحياة والدفاع عنها وذالك بحمايتها وتجنب الفساد فيها وتدميرها ، هكذا تتقوى الرابطة مع الأرض ، وتجعل الناس يعملون جميعا من أجل البقاء في هذه الأرض وتجنب الأعمال والأنشطة التي تؤدي البيأة والطبيعة وتدمر الحياة.

إن الأنشطة ذات الصبغة الإقتصادية والعلمية وكل التجارب التي يقوم بها الإنسان والتي تتنوع حسب النشاط والأهداف التي يتطلع الإنسان إليها ، كل هذه الأعمال إذا لم يكن وازع حب الأرض والحياة وحمايتها حاضرا أثناء القيام بها وإنجازها من شأنه أن يفسد العيش في الأرض وذلك بتدمير البيأة والحياة والقضاء على الكائنات الحية ، مما يتسبب في عدم التوازن، ويشكل خطرا على الإستقرار في الأرض .

وبقدر ما يستمر الإنسان في تلك الأنشطة وهو في نظره يسعى الى البناء والتطور ، بقدر ما يتسبب في معانات الإنسانية خاصةالمستضعفين في الأرض ،وإن كان في منآ عن تلك الأخطار آنيا فإن آثارها ستلحقه لامحالة .

لايحق الإعتقاد أن الفرد إن حمى جانبا من الأرض التي يتواجد عليها سيعيش في منئا عن المشاكل التي يسببها في الناحية الأخرى من الأرض، إن الأرض واحدة والحياة فيها واحدة ،يحياها الناس متشاركين ومتضامنين ، وإذا فسدت جهة من الأرض و لم يتم التدخل لإنقادها انتقل الفساد الى الجهة الأخرى منها ،عندها سيعم الفساد الأرض. فالأرض مهما بسطت فهي صغيرة وضيقة ، وكثرة الأنشطة الضارة من شأنه ان يعكر صفو الحياة الطيبة الجميلة.

إن ما نسمعه الآن من الأخطار التي تهدد الكون والحياة ، من تهديد لطبقة الاوزون ، وارتفاع لدرجة حرارة الأرض ، واضطرابات جوية ، وارتفاع نسبة الحركات التكتونية وغيرها ، وتدمير العديد من المنشآت الطبيعية التي تحدث التوازن البيئي في الكون ،والتقلبات المناخية الغريبة في العالم ، والإنعكاسات الكبير ة التي يحدثها من تصحر ، وانجراف للتربة وانخفاض منسوب الآبار العدبة ، وغير ذلك كله ، بالإضافة الى الأمراض الوبائية وغيرها التي بدأنا نسمع بها والتي تهدد صحة وسلامة الكائنات الحية، ليس إلا رد فعل من الطبيعة وإنذار منها لإشعار الناس بالرجوع الى جادة الصواب وعمل معا من أجل الحياة لأن الإنسان والأرض يشكلان وحدة الحياة و في سلامتهما بقاء الإنسان والأرض .




رابعا/ رابطةالزواج


وهي رابطة مقدسة وقوية ، مقدسة لأن الأديان ، بإسم الله، دعت الى تمتينها والدفاع عنها وصونها نظرا لأهميتها ودورها في استمرار وبقاء النسل والحفاظ عليه ، وقوية لأن الإرتباط بالزواج لابد أن يكون مقيدا بالعشق والحب والولع والهيام والمودة ثم الرحمة ، وهي طبقات ومراتب في الحب لايصل إليها جميعها إلا العارف الواصل.

إن رابطة الزواج من خاصيتها الجمع بين الجانب الآدمي والجانب الإنساني في الحياة، فالآدمية البشرية تجل الإنسان بحاجة إلى اشباع رغبته الجنسية وحقه الطبيعي فيها ، وهويختلف من إنسان الى آخر حسب حالته النفسية ووضعه العقلي والإجتماعي والبيئي ،وبالتالي يسعى إلى أشباعها والبحث على ذلك بشتى السبل ، والإشباع نوعان :

1 / اشباع طبيعي صحي ،

وهو الإشباع بين الرجل والمرأة ، ولابد من التناسب ، أو على الأقل التقارب ، والإفراط والمبالغة والإكراه والإعتداء خروج عن المألوف ومرض لابد من علاجه ومقاومته لأن هذا يرجع الإنسان إلىالآدمية ثم يسقطه في الحيوانية ثم الى الهمجية المتوحشة البعيدة عن الإنسانية والقيم الأخلاقية.

فالأخلاق والقيم هي الوشائج التي تجعل من هذه الرابطة رابطة انسانية اسمى مقصد لها تساكن وتواد ورحمة ، ولابد ان يكون الحب هو الدافع إلى الغريزة وأن لايكون العكس ، لأن الحب يسمو بالغريزة ، وبالتالي يقننها ويهذبها ، ويبعدها عن البهائمية ، صحيح أن الفطرة التي جبل عليها الإنسان تجعله دائم التفكير في البحث عن نصفه الأخر ، وأحيانا تدفعه النفس إلى التفكير في تلبية غرائزه بأي شكل من الأشكال، لكن قيود الأخلاق أو الدين هي التي تلجم تلك الغريزة الجامحة والشديدة في الإنسان ، من الآدمية الحيوانية إلى الإنسانية الفاضلة .

إن هذه الرابطة تؤسس لخلية صلبة في جسد الإنسانية ،هذه الخلية تعتبر حلقة لايمكن للإنسانية الإستمرارية بدونها ، وبالتالي لابد من الحفاظ عليها ، وذلك بحمايتها ، ورابطة الزواج هي الضامن الواحد لحفظها و لسلامتها ، وهو المنطلق ، وبقدرما يكون الزواج سليما وصحيا ولا أقول صحيحا ، لأن الصحيح يضمنه القانون والعرف الذي يتفق عليه الناس ، لكن الصحي عندي هو الجانب الأخلاقي والروحي في الرابطة وهو تلك الآصرة التي تربط بين الذكر والأنثى، بقدر ما يصبح المجتمع أكثر عافية ، وينعم في السلم والأمان والترابط .

المجتمعات التي تحترم هذه الرابطة وتقدسها بالشكل الذي فطر الإنسان عليها ، تسعد وتنعم وتكون في مأمن من الأمراض التي تلحق المجتمعات التي لاتحترم هذه الآصرة ، والأفراد يعيشون وينعمون في السعادة التي حباهم بها الله وأنعمهم بها في الأرض ، فالله لم يخلقهم ويبعتهم الى الأرض كي يشقو فيها بل العكس هو الأصح ، لكن الفرد منا بتصرفاته الطائشة يقلب السعادة الى شقاء عليه وعلى الإنسانية كلها .

ياأبناء هذه الأرض، لاتتركوا غيرالآبهين بالحياة يفسدوا فيها،لاتتركوهم يدمروا الحياة والأمل فيكم ، دافعوا عن الحياة بالحب والود والأمل ، واغرسوا ذلك في أبنائكم ، ترابطوا مع طرفكم الآخر بالزواج والحب ، وارتقوا الى المودة والرحمة بالتسامح والبدل والعطاء ولا تنتظروا المقابل لأن ذلك متبادل بينكم ، وسف تلمسون ذلك في حينه، حافظوا على هذه الرابطة ولاتعبتوا فيها بالأفكار الهدامة السيئة، وتجنبوها ولاتعتبروها أبدا عيشوا على الفطرة التي جبلتم عليها من الله الذي خلق كل شيء جميل لتنعموا في هذه الحياة.



2/ اشباع غرائزي مرضي

عندما يطلق الإنسان العنان الى غرائزه ونزواته النفسية دون قيد ولاشرط ، يكون بذلك آدميا قريبا الى الحيوانية منها الى الإنسانية ، فتتعطل انسانيته ،ويصبح الهم الوحيد عنده إشباع غرائزه والإستجابة لنزواته ، ويصبح هواه معبوده الأول ، وتتقلص وظائف العقل والحكمة عنده ، هكذا يصبح مخلوقا من أجل الغرائز، بهائمي منحط في إشباعها،لا يميز بين ماله و ماعليه ، فقط الأنانية وحب النفس المسيطرة عليه بشكل مرضي وبشكل تعسفي ، يتحول بها الى الإعتداء على حق الآخر الذي هو إنسان مثله ، وبالتالي يصبح بأفعاله مضرا للإنسانية وغير نافع ولاصالح لها ، وأمثال هؤلاء لابد من معالجتهم بإرجاعهم الى إنسانيتهم وإعادة احيائها فيهم من جديد وطرق العلاج كثيرة وسهلة ومتنوعة ، ونشر الفضيلة والأخلاق والدين الحق ومن أسهل الوسائل وأنعجها في العلاج .

فالإبتعاد عن رابطة الزواج ، أو تحريفها بالشكل الغير الصحي والسليم يسقط في روابط مناقضة للفطرة الإنسانية وهي:


روابط السفاح

وهي كل علاقة تتحكم فيها الغريزة الجنسية بين طرفين خارجة عن الزواج المألوف بين ذكر وأنثى ،لاتتحكم فيها أي قواعد دينية أوعرفية ، وتجعل العلاقة بين الطرفين علاقة غرائزية الهدف منها اشباع الجانب الغرائزي الآدمي دون مراعات للأخلاق الإنسانية والقيود الدينية ، فمثل هذه العلاقات التي تتحقق فيها اللذة الحينية تكون آثارها وخيمة على الفرد والمجتمع وعلى الناس ، والإبتعاد عنها وعن المسبب لها من شأنه أن يجنب الفرد والمجتمع والإنسانية العديد من الأمراض والمشاكل التي تكون الحلول لها مكلفة وأحيانا صعبة ، لو تم تجنبها لربحت الإنسانية الجهد الأكبر في صالح التنمية وخدمة الإنسانية .

لا يسمح لإثنين غير مرتبطين بالرابطة المقدسة الإلتقاء بينهما ، كما لايحق منعهما من تلك العلاقة والحق الطبيعي لهما ، ولابد من تبسيط مساطر الزواج وتسهيلها ، وجعلها في متناول الناس دون كثرة القيود والعراقل ، ان الرجوع الى أحكام بسيطة كانت في القدم وكان مرجعها الديانات السماوية التي قننت الى الزواج خير إذا تم تبسيطها وتحديثها، ومراعة مصلحة الإنسانية فيها، يسروا أيها الآباء لأبنائكم هذه الرابطة وشجعوهم عليها ولاتكونوا سلبيين في اختيارهم لشريك حياتهم دعوهم أحرار في ذلك، فقط علموهم وارشدوهم وانصحوهم واقنعوهم عند ما ترون أن اختيارهم غير صائب أو يشوبه عيب ما .

إن العازب الذي يبحث عن اللدة في حينه يكون فاسدا منحطا ، والتي تمارس تلك الرذيلة تكون منحطة وساقطة في نظر الناس ، فلا تشجعوا الناس على القيام بها وامتنعوا وامنعوا من انتشارها ولاتتركوها تصبح مهنة من لامهنة له، ساعدوا الناس على خلق المهن الشريفة البعيدة عن الأعمال المشينة التي تضر الناس والإنسانية ، والمتزوج ذكرا أو أنثى إذا اقترف ذاك بعيدا عن فراش الزوجية يعتبر خائنا وفاسدا ومنحطا، وقد يكون المثل السيئ عند أبنائه، لقد خان قدسية الرابطة وبالتالي عليه التوبة ، وفاسد لأنه يفسد الروابط بين الناس ، ومنحط لأنه انحط من انسانيته الى البهائمية.

روابط المثلي

وهي من الروبط التي ترجع الى عهد قديم، عند العديد من الأمم البائدة التي ألم بها العذاب واللعنة الإلهية والتي أدت الى زوال هؤلاء القوم المخطئين الظالين ، والخارجين عن المألوف والفطرة الحسنة التي خلقوا عليها ، هذه الروابط لاتوجد عند الحيوان لأن الغريزة تدفعه الى البحث عن الطرف المقابل له والمكمل وليس المثل لأن ذلك فقط غريزة واشباع في غير موضعه ، مخل للأخلاق ، مخالف للفطرة ، فكيف بالأحرى أن يدافع بعض من يعتبرون من الآدميين و يلحون في الطلب على تقنين مثل هذه الروبط ، وتعتبرون ذلك من الحقوق والحريات الشخصية ، غير أن ذلك مخالفة و شذودا .

إن الدوفع والتبريرات التي يتشبت بها المطالبون لمثل هذه الروابط باطلة ولا تستند الى منطق العقل والحكمة والفطرة السليمة ، بل هي دوافع أساسها الغلو والرغبة في المخالفة واتباع الشيطان ، واطلاق العنان الى الغرائز الشاذة ،والإنغماس في الرذيلة والعهر .

فالآثار السيئة والقبيحة التي ستترتب على مثل هذه العلاقات لايمكن تصورها ، فبقدر ما تتزايد مثل هذه المخالفات للفطرة في الواقع ،بقدرما تسرع ذلك الواقع الى زواله ونهايته بشل تراديجي أليم وقبيح، وتكون النتائج وخيمة على جميع الناس .

حقا والحق أقول ، أن هذه العلاقات من أشد المخالفات خطرا على الإنسانية جمعاء فلا يحق للإنساني الذي يعتز بإنسانيته ان يدافع على مثل هذه الروابط لأنها حالات مرضية ، وعلاجها بالرفق على هؤلاء وإشعارهم بإنسانيتهم التى نسوها وإحيائها فيهم بالتربية والتهديب والمحاورة والإحتكاك بالطرف الآخر لكل نوع ، وبالرجوع الى الدين الحق الأقوم الصحيح .


خامسا /رابطة الدين والإيمان بالله

إن هذه الآصرة من أشد الأواصر قوة ورباطا بين الناس ، وهي الأقرب الى الإنسانية وإلى الدفاع عنها ، وعليك أن تعلم أن الدين الأمثل هو الأكثر قربا الى الفطرة الإنسانية ، وهو الذي يلبي لها جميع حاجياتها الروحية والنفسية والطبيعية ، وفيه يجد الجواب على كل شيء يحيره ، وبه يجد الإستقرار والراحة في الحياة الدنيوية قبل الحياة الأبدية ، والتي هي الحياة الأولى التي كان عليها آدم قبل خطيئته ونزوله الى الأرض.

على كل إنسان يؤسس هذه الرابطة بداخله أن يقويها ، ويلقنهاللأولاد في التربية ويلازم أهله على إحترامها وعلى اتباعها واحترام تعاليمها، والحرص على تطبيق أركانها وفرائضها بالشكل الصحيح للدين الذي يسمح له العقل والجهد القيام به بدون غلو ولا مبالغة، لأن الغلو في الشيء وإن كان في المعتقد مخالفة وابتعاد عن جادة الصواب ،
عادة يكون مما لم ينزل به الله من سلطان. وسيكون لي حديث في موضعه حول هذه الإشكالية .

الخميس، 10 ماي 2007

الغذاء الروحي


الإنسان عند الفراغ الروحي ، يفقد الهوية ، يفقد المواطنة ، يفقد الآدمية ، يفقد الشعور بالإنتماء ،يفقد الرغبة في التواصل، يفقد الرغبة في قبول الآخر، يفقد الرغبة في الحياة ، عندها يفقد إنسانيته، ويصبح كائنا حيا فاقدا الإحساس ، وحب الإستمرار و البقاء . فالمشاعر الإنسانية عنده تتراجع ، فينقلب إلى آلة أو إلى وسيلة لها كينونتها في كونها تتحرك بين الناس بلامودة ولاحب ولارحمة ولارغبة .


هذا الإنسان الذي يعيش هذه الحالة ، انه ذلك الذي يعيش في اليأس والشقاء، والحرمان ، والتهميش ، والتضمر، والبؤس، والإستسلام للإنهزامية والإنهيار الذي قد يكون إنهيارا نفسيا أوعقلياأو روحيا.وهنا تكمن الخطورة، عندها يصبح بلا إنتماء ولا هوية ،فتتقلص مساحة التفكير لديه ، ويصبح وعاءا يتقبل أي شيء بشرط أن يمشي على هواه ، هذا الشبيه بالإنسان يصبح عبارة عن آلة يمكن استغلالها لأي شيء وفي أي شيء ، يستغلها الذي يستطيع كسب ودها و بالتالي السيطرة عليها وتوجيهها بالشكل الذي يراه ويريده ، وفي الزمان والمكان الذي يريده ، وقد تتأثر هي من ذاتها بالأحداث والوقائع وتخلق لنفسها النموذج ولو في غير الصالح من النماذج .

الإنهيار النفسي

فالإنهيارالنفسي ،أسبابه مؤترات من الوسط الخاص :كالأم والأب ثم الإخوة ، ثم العائلة القريبة وأحيانا العائلة البعيدة إذا كانت على صلة بالأسرة دون أن ننسى الأصدقاء والجيران .ومن الوسط الشبه الخاص كأصدقاءالأسرة و العائلة، وأصدقاء الأصدقاء،وأصدقاء الجيران .ومن الوسط العام يدخل المجتمع بجميع تفاعلاته وتياراته ، وتدخل هنا كذلك الأنفوميديا وغيرها من الوسائل السمعية والبصرية ووسائل الإتصال عبر الأقمار الإصطناعية .كل هذا وغيره يجعل نفسية المنهار ضعيفة ميالة الى الشر قريبة من الشيطان فاقدة للتوازن و الرشد غير آبهة بالإستمرار في الحياة و البقاء ، لأن البقاء مرتبط بحب الإستمرار والرغبة في الحياه .وكون هذه الرغبة منعدمة في نفسه تبقى الإحتمالات الأكثر سوءا واردة منه .

والنفس وعاء الأهواء والرغبات ، ومفتاح الشهوات واللذات ، وقوة النفس تأتي بعد قوة الجسد ، وهما أساس الآدمية و البشرية ، والنفس كماتدفع الجسد إلى فعل الخير ، تدفعه الى فعل الشر، وميولاتها لاتحد ويصعب قيدها ، وإذا سيطرت على جميع الجسد يغلب طابع الشر على جميع جوارحه ، ويصبح فعل الشر غالب أفعاله ، وتنعكس آثارها على الناس بتراجع انسانيته وسيطرة غرائزه.

الإنهيار العقلي

والإنهيار العقلي ،عوامله ضعف النفس، وماسبق من أسباب إنهيارها ،بالإضافة إلى عدم التمدرس أو سوءه ،ومشاكل التمدرس ترجع بالأساس إلى عوامل المجتمع ونمط التدريس به ، وإلى المدرس و مناهجه في التدريس وكذا توجهه الفكري و وضعيته النفسية والإجتماعية ، وإلى المألوف والمتداول في الفكر العام عند الناس ،و إلى الأسرة ورغبتها في تلقين المعرفة الى الأبناء ونوعها والهدف منها .

والثقافة العامة أو الفكر العام ،كما يحلو لي الإصطلاح عليه ،وهوالتوجه العام الذي يغلب ثقافة العصر من أفكار ونظريات وخطاب وتيار فلسفي أوعقائدي أو أخلاقي أوغير ذلك من الفنون والآداب ،وكل ماهو مسموع في الأنفومديا ، أو المكتوب في الصحف والمجلات والكتب، أو المعروض في الأقراص المدمجة وغيرها من الوسال الإلكترونية المدمجة ، وهذا العنصر سهل الإنتشار والتأثير في العقل .

ومن عوامل الإنهيار العقلي العادات السيئة التي يعتاد عليها الإنسان وهي خارجةعن الفطرة التي جبل عليها ،حيث ينغمس هذا الإنسان في التداول على فعلها بشكل روتيني يسيء إلى قواه الفطرية التي حباه الله بها،فتنحرف تلك القوى عن وجهة الخير التي جبلت عليها و تنقلب إلى وجهة أخرى ،يكون كسب الشر من الأفعال السمة الغالبة منها , فلا يرى المجتمع منها إلا ماهو شر و قبح، ينعكس على المجتمع قبل أن يصيبه من شرها ما ينعكس سلبا على نفسه و جسده ، فيؤدي به ذلك إلى نسيان أنه إنسان خلق لتعمير هذا الكون و الكسب فيه .

فالعادات السيئة مناقضة لفطرة الإنسان وتضر به وبحياته ويمكن أن ينتقل شرها إلى المجتمع ككل ،لذا يجب محاربة هذه العادات بالإقلاع عن فعلها والإعتياد على نقيضها الذي هو في صالح الحياة والإنسانية ، ولا فرق بين الحياة والإنسانية لأن في الرجوع إلى الإنسانية بقاء الحياة واستمرارها .

الإنهيار الروحي

وهوأخطرالأمراض وأشدها قتامة ، والروح لاتنهار كما تنهار النفس وينهار العقل ، لكن إنهيارها يتجلى في كونها تصبح حبيسة الجسد الذي هي فيه فتبحت عن الخلاص والإنفصال منه وتركه بأي طريقة أو بأخرى .
وسبب الإنهيار الروحي إنعدام الدين والأخلاق ، فالروح لها ارتباط وتيق بهما ، وعند انعدامهما أو انحرافهما يصبح الإنسان بلا روح ، والروح هي التي تقيد العقل و النفس و تكبح نوازع الشر في الإنسان ، وانعدام الأخلاق أو فسادها نهاية العقل والنفس ، وبالتالي تعاسة الروح في الجسد ،ثم بداية نهاية الإنسانية فيه ، والإقدام على أي شيء أو شكل من أشكال الشر يبقى واردا ،وأقصى الشرور قتل النفس والغير معا والإنتقام من الجسد والناس .

كيف الخلاص

قد يتسائل المرؤ ان الخلاص لمثل هذه المعظلة صعب ،لكنه في حقيقة الأمر سهل ، وفي سهولته تكمن صعوبته ، وصعوبته في الإقتناع به أولا ، والإقتناع به أساس حلول المشاكل كلها وبه تزول هذه المعظلة ، والإقتناع بالغذاء الروحي بداية العلاج ، ولابد من المرور من المراحل الأتية :

التربية والتهذيب : لابد من ان تتأسس في هذه المرحلة درجة من الثقة المتبادلة بين الجميع ، عندها يتم الإتفاق على مجموعة من الرياضات التي يعتاد الشخص على القيام بها في كل يوم مرة إلى خمس مرات ،على أن لاتطغى هذه على حياته الخاصة والعملية للمتلقي.

المصاحبة والسماع : لابد من اختيار رفيق دائم يصاحب المنهار و يسمع له و يتواصل معه ، ولابد أن يكون متشبعا بالإنسانية.

التكوين والتأهيل: وذلك عن طريق برامج تشرف عنها جمعيات أهلية أو غيرها من المؤِسسات المحلية والوطنية ،ولا بد أن يكون التكوين سهل الحصول و في المتناول .

الإندماج في المجتمع: عبر تحسيسه بأنه فعال في المجتمع ، ولابد من:

* منحه الحق في العمل
* منحه الحق في تأسيس الأسرة
*منحه الحق في تأسيس رأسمال ولو اليسير منه ،أو نشاط مدرللكسب أو غيره حسب ميولاته الفطرية أو الشخصية
*منحه الحق في التعبير والتظاهر

إدماجه في الشرائع الدينية مع إقناعه بها: لابد من أن تؤخد تلك الشرائع من المنبع الصافي الخالص والصحيح ، دون خلق الأحقاد فيه وزع الكره في نفسه على بقية الأديان . وهذ المرحلة من أصعب المراحل وأكثرها حساسية وسوف أتطرق إلى هذا الموضوع في حينه.

الثلاثاء، 17 أبريل 2007

فلسفتي الجزؤ الثاني

في الشيطان
والشيطان هو الشر ,وكل ماهو قبيح فهو شيطان ,وهو حقيقة في الواقع يجب محاربته وإضعافه. والشر نوعان ظاهر وخفي , وكلاهما خطير على السعادة والحياة والناس ,ويجب محاربتهما الى الأبد.والشيطان الظاهر تسهل مقاومته من الشيطان الخفي , وأول عمل ضد الشيطان اجتنابه .. اجتنب الشر أخي في الإنسانية ماستطعت ,ثم عليك أن تشل حركته بإضعافه,بعد ذلك يسهل عليك القظاء عليه ..أما الشيطان الخفي فعليك باكتشافه أولا وإظهاره , ولا وسيلة لك في ذلك إلا بسلاح العقل والأخلاق والدين . فبهذه الأسلحة لايستطيع الإفلات من ترصده وإظهاره وإذا ظهر أصبح شرا ظاهرا وسهل إزاحته والقضاء عليه . وأي مجتمع كثر فيه الأشرار فهو مجتمع الشيطان ,مجتمع الخراب , والفساد , ولا مجال في المجتمع الإنساني للأشرار , بل يجب عزلهم وإصلاحهم , والإصلاح يكون بالتربية وأحيانا بالعقاب , وبل بالموت أحيانا , فالموت لايعني نهايتهم وذهابهم بل قتل الشيطان الذي سيطر على نفوسهم ...


في النفس
والنفس إما خيرة , وإما شريرة’ , وهي علىخيرها وشرها تتدرج في مقامات تزيد وتنقص حسب صلاح النفس وكينونها . وهي قابلة للتربية والتهذيب طوال عمرها , وهي مجبولة على حب الهوى والرغبات , فإن أطلقت لها العنان ركبها الشيطان, وصارت إلى الشر أميل , وإن فطمتها تنفطم , ورغبات النفس تختلف حسب الأعمار و مراحل نمو الإنسان , فنفسية الطفل الرضيع ليست هي نفسية الصبي ,كما ليست هي نفسية المميز , ولاالبالغ الراشد ولاالرجل الشاب ولا الكهل ولا الشيخ الهرم ولا الزمن , ونفسية الذكر ليست هي نفسية الأنتى , واختلاف الأنتى مع الذكر تكامل وتوافق من أجل تحقيق رسالة نبيلة وهي رسالة البقاء والإستمرارية ...استمرار الإنسانية

وأفضل مربي للنفس الدين وهوالأقرب إلى حقيقتها . رب نفسك أخي الأنسان بالدين ,علمها التدين , علمها الإيمان بالرب .اجبلها علي طاعة الله والإرتباط به مرنها على الصلاة وعلىالطقوس الدينية وعلىالعبادة . فإن ذلك يهدبها ويقوي حب الخير فيها ويقتل وازع الشر وينزعه منها , ويجعلها من النفس الخيرة الطيبة , ميالة إلى الخير وحب الإنسانية , راغبة في السلام والعدل بين جميع الناس ,طاردة كل أشال البغضاء والحقد والظلم بداخلها.



في الدين
إن الدين ضروري للنفس وبالتالي ضروري للإنسانية,, فكل المجتمعات ومنذ القدم تدين وتعبد , وإذا لم يكن لها دين بادرت إ لى خلقه , والديانات التى يضعها الإنسان ناقصة ومحدود ة وبالتالى لاتحقق السعادة للناس . وديانات الله سامية , وهي الأفضل . والرب يبعت مع كل نبي أو رسول دينا يصلح للإنسانية . لاتفاضل بين الأديان والرسل إلا بالحق , فهم يصبون في مشكات واحدة .

لاللصراع بين الأديان ومن أجل الأديان ولا للحروب الدينية .الدين لاينشر بالسيف ولابالعنوة ,والدين دعوة للسلام .والدين الأكثر تسامحا هو الأفضل فمن أجل السلم والصالح والسعادة والخير ...والتسامح ...وجد الدين , والديانات السماوية كلها ديانات حق و تسامح ورحمة , لاديانات تعصب و شقاء.

أخي في الإنسانية تعامل مع أخيك الإنسان بالحق ولو اختلفت أديانكم ’فالدين كله لله للرب ..لاتتنازع من أجل ذلك ,فكل الدين من الرب وهو واحد , وهو خالق هذا الكون , وجاعلا الدين الوسيلةالوحيدة للإرتباط به , و لتحقيق السعادة في الحياة للإنسانية , فاختر أيها الإنسان الدين الذي يتوافق مع الإنسانية , اختر دين الحق بلا تعصب , وادعوا إليه بالحكمة وبالعقل , وبدون عنف ولا قوة, و احترم أديان الغير , ولا ترفع راية العداء في وجههم ولا تسب أديان الغير , ولو اختلفت معك . كن متسامحا ولا تدعي القوة والحق ,فالحق مع الذي يخدم الإنسانية جمعاء .

إن المستقبل في الدين ,فهو الجامع لشمل الناس , والمهذب لغرائزهم , وإذا فقد الدين , فقد السر في الحياه, وفقدالحب و التسامح .كل الأديان متسامحة ,وشقاء الإنسان لايسببه الدين ولكن يسببه التعصب فيه.الدين كله لله والدين واحد, فدعوا أخي الإنسان إلى دين الله بالحكمة والرزانة واللباقة والسلم واستعمل الموعظة الحسنة واختر الأسلوب الأمثل و الأقرب إلى الناس والإنسانية و تحاور مع غيرك في الدين والإعتفاد بالعقل و الحوار السلمي المرن , فإذا كان هناك اختلاف بينكم في الحق فإن الأقرب الى الإنسانية والأصلح هو الذي على حق . فلا تتعصب الى دينك إذا ظهر لك أنه غير إنساني . فالدين الذي يعلم الإنسانية ويعلم الصبر هوالدين الحق ,وهوالدين الذي يجب أن يسود الناس ,وأينما ظهرت الإنسانية وظهر معها الصبر وظهر الحق , فعلم أن ذلك دين الله الحق , وغيره الباطل والشقاء .وإذا اخترت الدين الإنساني فإنك على حظ عظيم من السعادة والطمأنينة .

ليس الدين هو عبارة عن طقوس فحسب ولاترانيم تنشد ’ ولا أقاويل تحفظ, ولا أركان تعظم , بل الدين كل شيء في الحياة , وعندما ينعدم الدين تحدث الفوضى , ويقع الإضطراب . لاتعطيل للدين في الحياة , فالمجتمع الذي يعطل دين الله ملعون , وأفراده ملعونون لأنهم سيحللون كل شيء في حياتهم ولو كانت حراما وضلالا.

تعس ذلك المجتمع وشقي إذالم يرجع الى الدين الحق . وعلى الصلحاء في مثل هذه المجتمعات أن ينهضوا الى الدعوة وجهاد النفس وطرد الشيطان حتى تقف اللعنة ,لعنة الإحباط والتخلف والشقاء . إن الدين الحق لن يكون سببا في التخلف ولافي الشقاء لأنه دين الناس جمعاء , ولا يعاكس العلم ولا يدعوا الى الخمول .أينما وجد الدين الحق وجد التقدم , و وجد العلم . ولا الحضارة بدون دين, ولاانسانية بدون دين .وإذا فقدت الإنسانية الدين أو تنكرت له أصبحت شيئا اخر غير الإنسانية .إن الفرق بين الإنسانية والبهائمية الدين ,فهو الذي يرقى بالإنسان عن البهائمية ,والإنسان البدائي الذي لادين له, أو دينه باطل . والدين الباطل لايفصل الإنسانية عن البهائمية , والدين الحق , دين الله,هو القادر على الرقي بالإنسانية .إن دين الله الحق يدعو إلى الترابط بين الناس , ويزرع الحب بين الناس ولايميز بينهم ,فهو من أجل الإنسانية والحب وجد , إنه دين المحبة والسلام






في الحب
أخي في الإنسانية أحب الناس يحبك الرب . إذا أحببت الناس أحبوك ’ وإذا أحبك الناس أحبك الرب , فحب الله مرتبط بحب البشر بل حب جميع المخلوقات بل حب الكون والحياة وما فيها .كل شي في الحياة جميل يدعوا إلى الحب ويدفع إليه . الحب أنبل شعور يتصف به الناس وإذا خلى الحب من المجتمعات ظهر الشيطان وتقوى .فالله رب الحب .والشيطان ملهم الحقد والعداوة , فالذي يدعوا إلى العداوة والتفرقة بين بني البشر شيطان . وكما يجمع الحب الأفراد ، يجمع الأمم، والحب مدعاة التضحية والوفاء وسر السعادة والهناء .


الأرض للبشرية جمعاء ,لاحدود بين الأقطاروالأشخاص إذا ساد الدين الحق بين الناس , قطع الطريق التميز و العنصرية ، لا تجعلوا التمايز يغلب على التعامل , كل بني بني البشر واحد ,ربنا واحد وديننا واحد وغايتنا واحدة وهي السعادة للجميع . ومن أجل ذلك علينا أن نطرد الشيطان , نطرد الشر والأحقاد , ونعمل من أجل الحب للجميع ,فسعادة الأفراد في المجتمع مرتبطة بسعادة الجماعة .لازموا الجماعة ولواختلفتم , لأنكم إن طبقتم الحكمة ستصلوا في النهاية إلى الإتفاق .الإختلاف رحمة ,ولا تجعلوه نقمة , وفضلوا الأصلح الأرجح .واجتمعوا على كلمة الحق ,لأنها واحدة لااختلاف فيها .لا تفرقة بين الناس كلنا من أصل واحد. فلابد من الرجوع إلى الأصل .

فلسفتي الجزؤ الاول

في الكون

الكون بناموسه ونظامه يمشي وفق مشيئة الرب ‘ هذا الكون يحركه العقل ‘ والعقل مفتاح التطور ‘ وعجلة التطور تسير بشكل تصاعدي ‘ ابتدأت ببطء شديد وسرعتها تزداد شيئا فشيئا مع مرورالأزمان والسنون ‘ إلى أن تسير بسرعة قوية الى جد قوية ‘ بعدها يحصل الإنفجار القوي ‘ وتكون النهاية ‘ ولكنها في الحقيقة بداية لحياة جديدة ‘ عندها يكون قانون الإنسانية قد تم تجاوزه .



إن العقل أساس التطور وبطاريته ‘ والدين والثقافة طاقته ‘والحضارة والعلم نتاجه ‘ولاعلم بلا عمل ‘ والعمل أساس النجاح والبقاء ‘ وهو مقياس القوة . والأمة القوية تلك التى تملك علما أ كبر . والعلم هو الذى يولد الصناعة . ومن امتلك العلم إمتلك الصناعة ‘ ومن امتلك الصناعة امتلك المال ‘ وبالتالي امتلك القوة...والبقاء ...و العيش الرغيد. وامتلاك الإستقلال في الرأي رهين بهذه القوة ‘والعقل قوة ‘ والأمة القوية قوية بعقولها ، والعقل القوي هو العقل المنتج ‘و كما ينتج العقل في الصناعة والزراعة ينتج في السياسة والإقتصاد والتربية ‘ وإعطاء العقل الفرصة أفضل وسيلة للتطور ‘ولايكون إلا بالعلم ‘ ومنبع العلم العقل ‘ وهو أعظم شيء‘ فلا بد من إعطاءه المكانةالكبرى في قانون الإنسانية.



في العقل

والناس مراتب ودرجات في القرار والعقل . لكن في ارتباطهم بقانون الإنسانية سواسية . فكما تقدر العقول الكبيرة تحترم العقول الصغيرة ‘وقد تكون للعقل الصغيرمكانته عند الناس تضاهي الكبير ‘ والعقل الكبير ‘ كبير بالتجربة ‘ والثقافة ‘ والعطاء ودوره في خدمة الإنسانية ‘والفرد في المجتمع الإنساني يقاس بقدر ما يقدمه للناس والبشر ية . والصلاح عين البقاء و الفساد يؤدي الىالنهاية والإستمرار في الفساد بداية النهاية ‘ والأمم تقاس بعددالصلحاء فيها ‘وكل أمة كثر صلحاؤها فهي باقية وقوية ويجب أن يكون الصلحاء في مصدر القرار ومصدر الأحكام ‘ وفي استقراء التاريخ الغاية والعبر .


في التاريخ

وتاريخ الإنسانية واحد ‘ بدايته وجود الانسان على البسيطة .وهو في غاية التشابه ...صراع بين الخير والشر ‘ بين الصالح والطالح ‘ بين الحق والباطل . والتاريخ تتحكم فيه ثلاثة عناصر ‘‘الإنسان ‘‘ وهو أرقى العناصر فيه ‘ وقد يكون واحدا ‘ فارسا ‘ أو زعيما ‘ أو ملكا ‘ أو مفكرا ‘ أونبيا ‘ أو أيا كان ‘ ولابد أن يكون له تأثير على الأخرين ‘ وقد يكون أسرة أو جماعة ‘ أو قبيلة ‘ . والأفكار هي العنصر التاني ‘وسواء كانت بدائية أو حضارية مثالية و عقلانية دينية أو غير ذلك ‘ والعقائد كثيرة و الإديولوجيات متنوعة والمذاهب شتى . وكلها من الإنسان وله‘ غايتها خدمته ‘ فإن أصابة الخدمة فهي حقيقة وإن أخطأت فهي باطلة ‘ وبالتالي آلية إلى الزوال. والباطل هو الذي يضر بالإنسانية والعنصر الثالت هو الواقع ‘ ويضم الزمان والمكان وكل ما يرتبط بهما . فإن استطعت أن تربط بين العناصر الثلات استطعت الوصول إلى الحقيقة التاريخية ‘ وإن ركزت على عنصر دون الآخر كانت الحقيقة ناقصة ‘ وبالتالي ضللت وابتعدت عن جادة الصواب . والحقيقة واحدة وغيرها الباطل ..والخطأ..والمخالفة ...ومن امتلك الحقيقة امتلك الشيء الكثير ‘ وكل ما في الوقع حقيقة ‘والحياة حقيقة ‘ ومن الصعب امتلاك كل شيء ‘ كذلك الحقيقة لانمتلك إلا جزءا منها . وهي ليست بسيطة بل مركبة الأجزاء . ومن حقائق الحياة و الكون ما لم نصل بعد إلى إمتلاكه و معرفته ‘ والبحت فيه ليس ضربا من المستحيل بل إجتهاد وتطور وعلم . و قانون الإنسانية مع التطور ‘ ومن عاكس التطور ‘ عاكس الناس والحياة . وإذا توقف التطور فاعلم أنها بدية النهاية .



في الفكر
والفكر نبي الإنسانية الأبدي ‘ دعوته التدبر والإجتهاد ‘ غايته هداية البشر إلى السعادة إلى الخير إلى قانون الإنسانية .والفكر لايتولد عنه إلا الخير ‘ وإداتولد عنه الشر فاعلم أنه بداخله شيطان . وموجه الفكر و مقيده الأخلاق ‘ وإذا ا نعدمت الأخلاق تاه الفكر‘ وعاش الناس حياة ضنكا. وفقدت الحياة طعمها .ومن الأفكار تتولد الأشياء, وكل شيء قبل أن يكون حقيقة واقعية يكون فكرة ,ومنبع الأفكار العقل ’ والعقل رب الأفكار ومالكها وبالتالي هو واهبها , وهو واهب الأشياء سواء بالخلق أوالإدراك .

وبما أن الطبيعة لها قانونها وهي تعقله , كذلك الناس لهم قانون فإن عقلوه نجو ا وساروا في أمان ’ و إذا اختل القانون أحدثت الفوضى, وكما تقع الفوضى بين الناس تقع في الطبيعة . ومنظم الطبيعة الرب ومنظم الناس العقل ,فإن عقلوا إنسانيتهم عقلوا قانونها وسلموا من الفوضى, وإن خلفوا القانون تعسوا ’ وأي قانون يخالف الناس والطبيعة هو قانون باطل ’ لن يؤدي الى تحقيق السعادة بل إلى الشقاء والتعاسة .وعلى كل منظر أو مبتكر أوصانع أن يرتبط بالناس وبطبائعهم ’ وأن يعطي ما يتوافق مع طبائعهم وأن لايعاكسها ’ ويجعل نصب عينيه الإحسان الى الإنسانية جمعاء ’ وهذا ليس ضربا من المستحيل ’ بل يسهل عليه ذلك إذا انطلق من نفسه ’ وعليه أن لايترك لجانب الشر الفرصة كي يستحود عليه وأن يقاومه بالعقل والأخلاق والدين فهذه الأسلحة الثلاثة لاتترك للشيطان أي فرصةللحياة .

الثلاثاء، 27 مارس 2007

الديباجة

الى اخواني في الانسانية , الى الناس أكتب رسالتي ، رسالتي في التعايش و السلام و في الدين , رسالتي في الحوار و احترام الرأي الآخر , ليس فيها حقد على أحد و لا هي ضد أحد. أكتبها الى كل ضمير حي , وكل انسان نبيل شريف . كسد سوق الأخلاق و فسد وأصبح حب الذات العملة الرائجة و استغلال الأخرين الفكرةالغالبة،و نسي الإنسان من هو أصله ،و إلى أين مصيره. تاه في دروب هذا الزمان لايدري أي شط يرسو فيه ,أصبح فيه غريبا , وأغرب ما فيه تنكره للإنسانية, تنكره للاخلاق ,تنكره للدين , تنكره للحب ,تنكره للروابط والوشائج . ملعون هو إن صار في هذا الطريق.شقي هو إذا لم يرجع إلى جادة الصواب، إلى الفطرة , إلى الحقيقة.

لكل واحد منا نواقصه يخفيها أو يحاول ذلك.يعيش دائما في صراع داخلي معها, يتغلب عليها بالثقافة بالأخلاق بالدين بكل ما هو نبيل و شريف. و أحسن ما في البنل و الشرف : الصبر. وصدق من قال الصبر مفتاح الفرج .أعطينا صبرا تنل ما تريد .و نواقص المجتمع خليط هذه النواقص. و بقدر ما تظهر في الأفراد بقدر ما تتضاعف في الواقع , وبقدر ما يشقى بسببها بنو البشر .

قلة الصبر تولد الصراع بين الأفراد...بين الأسر...بين المجتمعات . لا لسيطرة الأفراد ,لا للرأي الواحد ,لا للوجهة الواحدة والأفق الواحد الضيق. الإختلاف ضروري والتناقض ناموس في الطبيعة وهو تظارب وتنوع , وهو أساس الإستمرارية وبه يطفو العلم و ينتشر السلام . لا للصراع بسب الإختلاف‘ لا للعصبية في الرأي الواحد ‘ إن الإختلاف الذي نريده ‘ذلك الذي يؤدي إلى التوحد والقوة ‘ إختلاف من أجل الأفضل من أجل تحقيق السعادة في الحياة الإنسانية

من أحب الإنسانية أحب نفسه ومن كره الإنسانية كره نفسه ‘ ومن قاتل الإنسانية قاتل نفسه ‘ ومن دافع عليها دافع عن نفسه. الإنساية فيك و لك ومن أجلها أنت إنسان . رسالتك أيها الإنسان الإنسانية ‘ أقصى غايتك الدفاع عنها من أجل البقاء‘ لافرق بينك وبين الأنثى ‘ والذكر مع الأنثى واحد ‘ في الحياة هما واحد ‘في البقاء هما واحد‘ في الإنسانية هما واحد ‘ وكل لما خلق له ومن أجله.


لافرق بينك وبين الأخرين مهما آختلفت ألسنتكم ‘مهما اختلفت أوطانكم ‘مهما اختلفت لغاتكم ‘مهما اختلفت ألوانكم ‘مهما اختلفت أفكاركم وثقافاتكم .لاغالب ولامغلوب ‘لامسيطر ولامسيطر ‘ قانون واحد يحكم هو قانون الإنسانية‘ قانون الناس أجمعين ‘قانون الإله.


إنه قانون العلم والمعرفة ‘قانون العقل ‘وقانون الحق ‘ولاشيء غير الحق ‘لكن أين الحق ‘إنه موجود وهو يقابل الظلم ‘ إنه ضد الظلم .ضد ضلم الإنسانية . كل ما ترفضه الإنسانية باطل و ظلم ، و كل ما تحبه الإنسانية حق ‘ الكذب ظلم و الصدق حق ‘ والنفاق ظلم والإخلاص حق , والسرقة ظلم‘ والمروءة حق‘تزوير إرادة الشعوب أكبر ظلم، وتعداد هذه المظالم لاعلى سبيل الحصر أوردناه فقط للعبرة.


أخي في الإنسانية من الظلم أن تكون شريرا ‘ أقتل وازع الشر في نفسك ‘ حاربه بالأخلاق ‘وبالثقافة ‘ وبالدين‘ و بالإنسانية ‘حاربه بكل ماهوصالح لإنسانيتك.إن وازع الشر ضعيف داخل الفرد‘ يتقوى بضعف إرادتك وعزيمتك وهوانها في الخير ‘ وكلما قوي الشر في النفس كثر في المجتمع ‘‘وكلما كثر في المجتمع تراجعت الإنسانية وظهر الفساد. وكل مجتمع حاله هذا افتقر الى الإستقرار و الطمأنينة. ولابد والحال هذا أن يرجع الناس الى إنسانيتهم ‘وأن يطبقوا قانون الإنسانية ‘ إنه قانون يجمع بين الصرامة و الرأفة وبقدرما يطبق بصرامة بقدر ما تكتشف رحمته وصلاحيته ‘ فالنفس لاتخضع الا إلى القوي ‘وحتى لاتتمرد عليه يجب أيكون مع النفس, وأن يتعامل معها برأفة.

إن قانون الإنسانية قوي بالفرد الذي يرتبط به ‘قوي بالفرد الذي يحترمه ‘ قوي بالفرد الذي لايخالفه حتى مع ضميره وفي خلوته ‘ ولن يتأتى هذا إلا بالتربية ‘ وأرقاها التربية الخلقية والروحية ‘وأحسن مربي الدين والثقافة فهما متوازنان في قانون الإنسانية ‘و أساسهما العقل والقلب ‘ وهما قوام الإنسان إن صلحا ‘ عاش الإنسان في سعادة ‘وإن فسدا شقي و تعس وقانون الانسانية موجود لصالحيهما.


في هذا العصر كثر أعداء الإنسانية ‘ كثر أعداء الناس ‘ انهارت الأفكار والأخلاق ‘تراجعت القيم وتراجع الدين ‘ وتمزق الناس ‘ فلم تعد الروبط تجمعهم بل تنكروا لها ‘ونبذوها. هذه الروابط التي من الإنسانية ‘ أرقاها رابطة الإنسانية .

احترم أخاك الإنسان ‘ودافع عنه ‘ وكن معه ‘ ولاتكن ضده ‘ ولاتتركه وحده ‘ تضامن معه ‘ أنت وحدك ضعيف وهو وحده ضعيف. وأنتما معا قوة لاتقهـر‘ قوة ضدالظلم ‘ضد الفقر ‘ ضد المسكنة ‘ضدالإستغلال ‘ ضد الظلم الإجتماعي ‘أزل عنه الحيف و الظلم ‘ وامنعه من إرتكاب ذلك . لا تتركه في غيه إن ضلم ‘ ولاتتخلى عنه إن ظلم ، قاوموا الظلم جماعة ‘ فكما يسقط الظلم على الافراد يقع على المجتمع ‘ لاتتراجع أخي في الدفاع عن حقك و حق أخيك وحق الجماعة ‘ لاتترددفي الدفاع عن القانون والحق بكل تضحية وفداء ...سر في طريق النضال بكل ما أوتيت من قوة ‘ وأكبر قوة فيك تضامنك مع أخيك ومجتمعك ولو أدى بك ذلك إلى الموت ‘ فلا تنزعج لأن الموت حياة فلا تخشاها ...الموت في سبيل الحق حق ‘وخلود الحق حيات وسعادة وبقاء .