الجمعة، 4 أبريل 2008

الدفاع عن الإنسانية



الدفاع عن الإنسانية

قد يتساءل المرء أحيانا، وهو يتأمل الوضع المتردي الذي عليه العالم اليوم من جميع النواحي، إلى أين يتجه؟ وكيف سيكون مصيره ومآله؟ وكيف يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ بل وكيف يمكن له الدفاع عن الإنسانية؟ ومن أين سيبتدئ وماذا سيقدم وماذا سيؤجر؟

لقد سبقت وأن تحدثت عن الواقع الإنساني في ما سبق، وسوف أحاول الدفاع عن الإنسانية ، الموضوع الذي يؤرقني بالتفكير فيه كلما وقع نظري على واقع مر أو مر أمامي حادث مفجع ، سأبدأ بالطفل لأنه الأكثر معاناة و تعرضا للظلم والقهر، وأختتم بالدفع عن الإنسانية في النهاية، مرورا بالعديد من النقط التي أرى من الضروري بمكان الإحاطة بها والدفاع عنها.



الدفاع عن الطفل


هذا المسكين، اليرقة الأساسية في الإنسانية، والتي حثت جميع الديانات السماوية على العناية والاهتمام به، كم هو يقاسي من سوء تصرف البشر الذين يعيشون حوله، ويتصرفون بدون أدنى اعتبار لمشاعره البريئة، وأحاسيسه الرقيقة، دون اعتبار لما أوجبته الأديان السماوية، ودعت إليه الأعراف والنظم الحياتية،وأقرت به القوانين الوضعية الكونية .

الطفل الذي يعاني من داخله، يعاني لأن كرامة الطفل تنداس تحت وطأة أقدام السياسي الذي يستغل حقه و اسمه في السياسة، لتحقيق مآربه الدنيوية، والدفاع عن مصلحته السياسية، يعاني لأن الآلة العسكرية الحربية في كل مكان تسحق جسده الطري الطاهر وتمزقه شر ممزق، يعاني لأنه أصبح الطرف الضعيف عند كل خلاف أو نزاع، وسوف يعاني منه أو يعاني منه أخوه في الطفولة الذي سيكون من سوء حظه تواجده في بؤرة النزاع المخلوقة التي كان بالإمكان تفاديها اعتبارا للطفولة التي قد تداس عن قصد أو غير قصد، يعاني لأن الحياة أصبحت قاسية وصعبة وأصبح يتحمل الكثير مع الأسرة، يعاني كلما وقع نزاع أو خلاف بين الأب والأم بسبب من الأسباب، يعاني لأن الكبار دائما في خلاف ونزاع وتضاد فيما بينهم بسبب اختلاف الرأي الذي هو فضل الله على الإنسانية لتتنوع المدارك ويجتنب الناس المفاسد.

أفلا ينظر الضمير العالمي إلى الأطفال البؤساء والمشردين والفقراء والجياع والمضطهدين والمهجرين الذين لا مأوى لهم والمحرومين من عناية الأسرة في بقاع هذا العالم الترامي الأطراف، ألا يستحيي وهو يعلم أن هناك أطفال يقتلون و يموتون في حروب ونزاعات أشعلها الحقد الذي أسسه الكبار وجزوا الصغار فيه، فعوض أن يحمل الطفل القلم ويتعلم، يحمل السلاح ليقاتل ويحارب، وماذا يقاتل؟ الوهم؟ وليس سوى الوهم، إن العدو الذي يعتقد الجميع أنهم يحاربونه ليس في الحقيقة سوى عدو الوهم، والعدو الحقيقي للإنسانية و هو الجهل، نعم الجهل بإنسانيتنا وأخوتنا، فالله الذي خلق الإنسانية لتتواصل فيما بينها وتتعارف، لا لتتنازع وتتعارك، ومنح للطفل حقوقا في الرعاية منذ أن هو في عالم الغيب وقبل أن يكون ، حيث جعل الرابطة التي تنشئ الطفل رابطة شرعية تنبني على الزواج لا على السفاح، وإن وقع يصلح بالزواج، تم منحه العناية وهو في رحم أمه، وبعد خروجه من الرحم ، وأتبعه بالعناية في المهد والصغر إلى سن الرشد والتكليف، عندها يكون الطفل قد نضج واستقام ، ولن تجني من الذي استقام غير النفع والخير।

الدفاع عن المرأة


ما أحلى هذا الإسم،
وما أحبه عندي ،
وكيف لا يكون وتنشئتي الأولى في رحم المرأة،
وخروجي إلى الحياة من بطن هذه المرأة،
وأول وجع أحدثته يقع على هذه المرأة،
وأول جرعة حليب ارتشفها من ثدي هذه المرأة،
وأول لمسة حنان أحس بها من يد هذه المرأة،
وأول قبلة أنالها من ثغر هذه المرأة ،
أنام وتبقى هذه المرأة ،
آكل قبل أن تأكل هذه المرأة ،
أشعر بالدفء على حساب هذه المرأة،
أمرض فأورق هذه المرأة،
أسعد فينعكس ذلك على هذه المرأة،
أتعس فتشقى بذلك هذه المرأة،
أحيا فتنعم هذه المرأة،
أموت فأسبب الحزن لهذه المرأة،
وأول حب لي في الحياة يكون لهذه المرأة،
وأول شريك لي في الحياة تكون هذه المرأة،
وأول من سيسعدني في بلوغي تكون المرأة،
والرفيقة والصاحبة في الحياة المرأة،
نعم المرأة ،ونعم المرأة،
وما أحلى المرأة.

لكن، و ياأسفاه عن الوضعية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية التي تعيشها المرأة في هذا الكون ، ماذا قدمت هذه القوى التي تتحدث عن الدفاع عن المرأة وحقوقها ، ماذا جلبت للمرأة هذه التحركات التي تكون هنا وهنالك بإسم نساء العالم؟ إن أول حق يجب أن يتحدث عنه في هذا الموضوع وهو إنسانية المرأة، والدفاع عن الإنسانية في شخص المرأة، الأكثر مخلوقا في الكون إنسانية، لكن ومع الأسف الشديد يحاول البعض اليوم أن يجرد المرأة من هذه القيمة الكبيرة التي ميزت بها وفضلت بها من الرب لما خلق وصنف الخلق، نعم يريدون أن يحولوا المرأة إلى بضاعة، يريدون أن يزيلوا عن المرأة تاج السكينة واللطف والحب والمودة والرحمة ويحولونها إلى مخلوق آخر يمشي وفق طموح ورغبة البعض بعيدا عن الفطرة والحكمة الربانية في الخلق.

أختي في الإنسانية، لا فرق بينك وبين الذكر في شيء عند الله، كلنا من نفس واحدة وكلنا مستخلفين في الأرض، وكل لما خلق له، والذكر والأنثى في الإنسانية واحد، وعلى الجميع أن يدافع عن الإنسانية حسب جهده وطاقته.


فقبل الشغل، وقبل السياسة، وقبل الإقتصاد، وقبل أي شيء آخر، لابد للمرأة أن تعيش في كرم وتكريم ، وأن توضع في المكانة اللائقة بها، المكانة التي وضعها الرب فيها، وأٌقرتها الأديان السماوية كلها، وهي أم الإنسانية كلها، وما تحمله هذه الكلمة من معنى.



الدفاع عن الرجل


من دافع عن الإنسانية فقد دافع عن الرجل، والدفاع عن الإنسانية في شخص الرجل لا تنحصر في الحقوق التي أقرتها القوانين والمواثيق الدولية الإنسانية وغيرها، بل الدفاع عن إنسانيته وعن حقه في الحياة وحقه في كونه راعي ، ولابد على المجتمع أن يوفر له الوسائل التي بها يستطيع القيام بالمسؤولية التي كلف بها من الله، ومسؤولية الإنسان في الخلافة في الأرض لا تنحصر في القيام بالمهام التي يقوم بها لإشباع الغرائز، بل يتعدى ذلك إلى القيام بالواجبات في حق الناس والحياة والله، على اعتباره مكلف عاقل.

الرجل لا يمكن أن يكون رجلا إذا لم يختزل قيم الإنسانية فيه، لأنه سينقلب بعد ذلك إلى آدمي بلا بشاعر ولا أحاسيس، ولا إنسانية، فمنطلق الإنسانية الرجل، فالله لما خلق الإنسان في أو وهلة خلقه من طين، صلصال بسيط، ثم وضع فيه الروح ، وهي نفحة ربانية جليلة سامية و هي التي تختزل القيم الإنسانية الكبيرة ، وبقدر ما تنال هذه النفحة الربانية حقها بقدر ما يكون آثار ذلك إيجابيا على الإنسان والحياة، وبالتالي على الكون ككل.

و أول الحقوق و أعظمها هو الحق في العبادة والتوجه إلى الله في الصلوات والتراتيل، ولابد من توفير الظروف الملائمة للعبادة بحرية وبدون قيود؛ فلا يحق لأحد أن يمنع الآخر من التعبد، إذا كانت تلك الطقوس لا تسيء إلى الديانات الأخرى، بل يجب الدفاع عن هذا الحق والوقوف إلى جانب المتضرر حتى يرجع له هذا الحق.

إن الدفاع عن الرجل لا ينحصر في الدفاع عن حقه في العبادة بل في حقه في احترام مقدساته وعدم المساس بها من قبيل السب والقذف و التهكم أو الإزدراء والإفتراء عليها وغير ذلك، وحترام دور عبادته،و العمل على التعايش معه باحترام و في سلام وأمان.

ومن الحقوق التي يجب الدفاع عنها حقه في العيش الكريم، فبالله عليكم، كيف يعيش الإنسان في هذا الكون؟ ليس ذلك الميسور الغني الذي يتوفر على الزائد من الإمكانيات، أو الذي يعيش في كفاف تام ، بل هنا الحديث عن المحرومين الضعفاء ، الذين يعانون أشد المعانات حتى في أوطانهم ، والأشقياء المحرومون من كل الحقوق؟ كيف لهذا الإنسان أن يسمى إنسانا وقد أهينت حتى آدميته ، حتى من اللباس كي يواري به جسده محروم منه، ناهيك عن الأكل والماء الذي جعل الناس فيه شركاء.


الدفاع عن الأسرة

لا يمكن الحديث أن نتحدث عن الأسرة إذا لم نستوفي العناصر التي تكونها حقها، فيثرى:
هل أنصفنا الرجل قوام الأسرة،
هل أكرما المرأة أساس الأسرة،
هل رعينا الطفل مستقبل هذه الأسرة وامتدادها،
هل عملنا على الحفاظ على السكينة داخل الأسرة،
هل حققنا حكمة الله في تشكيله للأسرة،
هل عملنا على توفير الإمكانيات لتماسك الأسرة،
هل ما نضعه من قوانين تخدم الأسرة،
هل بالفعل نحب الأسرة،
هل بالفعل نحترم الأسرة،
وهل بالفعل ندافع عن الأسرة.


الدفاع عن المخلوقات والطبيعة

يكفينا ما اقترفناه من إجرام وهدر للمخلوقات التي خلقها الله في هذا الكون ليسعد بها الإنسان من جهة ويتحقق بها التوازن في الأرض من جهة ثانية، لقد حان الوقت ليقف الجميع ، كل من هو إنساني حق، أن يقول كفى من إعدام هذه المخلوقات التي تعيش معنا في هذا الكون ، لقد طفح كيل هذا العمل غير المسؤول في حق الإنسانية، لم نوقر المخلوقات التي في البر، ولا التي في البحر، ولا التي تطير في الجو، الكل أصابه التدمير بسبب سوء تصرف بعضنا من المتهورين غير المتصفين بالمسؤولية التي ألقاها الله على عاتقهم وهي استغلال هذه الثروات بالشكل الذي يجعلنا نحافظ عليها من الزوال.

وبالله عليكم، كم نوع من الكائنات التي انقرضت بسبب سوء تصرفاتنا، وفرط استغلالنا لها، ماذا جنينا بعد ذلك سوى حرمان الأجيال التي أعقبتنا من ذلك النفع، وبالتالي الخسارة الكبيرة في الكون من عدم الإنتفاع بها وبوظيفتها التي سيرت من أجلها.

إن المخلوقات الطبيعية من الغطاء النباتي البري والبحري تعرف تدميرا خطيرا واستغلالا مفرطا من البعض منا والذين لا يهمهم سوى أنفسهم ومن بعدهم فليقع ما سيقع، المهم أن يتحقق لهم نفعهم على حساب الكون والأجيال التي ستأتي من بعد.

أخي في الإنسانية كم هي الغابات التي دمرناها وقتلناها بسبب الاستغلال المفرط والزائد للخشب، وبسبب ما تنفثه المعامل والمصانع والسيارات وغير ذلك من النفايات السامة، أو بسبب الحرائق التي تأتي على الغابة عن قصد وعن غير قصد ، وبسبب سوء تصرف بعض الناس منا.

إن حماة البيئة هم نحن، لهذا يجب على الإنسانية أن تقف ضد كل عمل يتسبب في تدمير الطبيعة، لأن ذلك تدمير للحياة وبالتالي تدمير للإنسانية، علينا أن ننطلق من أنفسنا ونترفع عن القيام بشيء نسبب فيه الأذى إلى المخلوقات الكونية.

أخي في الإنسانية ، الطبيعة حية وكل شيء فيها حي ، وله إحساس حتى الحجر الذي نعتبره من الجماد الذي لا يتحرك، لأن الله بعلمه وحكمته جعله كذلك ليحدث توازنا في الطبيعة ، لا يعلم ذلك إلا هو والراسخ في العلم والمتمكن من أسرار الكون والحياة والطبيعة، وهذه المخلوقات كلها ستبقى شاهدة علينا وعلى أفعالنا.


الدفاع عن العمران

العمران من الإرث الإنساني الذي تشترك فيه الإنسانية كلها، وهو من الثروة المسخرة لصالح الإنسان فوق الأرض، فكل بناء أو تشييد للعمران على وجه البسيطة حق للناس كلهم، ولو حتى بالنظر إليه، إذا كان مالكا خاصا للبعض لا يسمح بالتصرف فيه، فكيف بالأحرى تلك الأبنية التي تم تشييدها منذ القدم، أصبحت من الآثار الإنسانية الخالدة التي يجب الحفاظ عليها، وعدم المساس بها وتدميرها أوإتلافها وإزالتها، إلا إذا دعت المصلحة العامة للإنسانية إلى ذالك واتفق عليه.

وسلامة العمران لا تكمن في الحفاظ عليه أيام السلم و الهناء، بل حتى عند الصراع و الحروب، و يجب أن تراعى للعمران حرمته، فلا يقصف ولا يهدم ولا يحرق ولا يتعرض إلى أي إفساد، والبناء حضارة والتدمير إرهاب ووحشية، والإنساني الحق هو الباني ، وببنائه يكرس إنسانيته، والاستخلاف في الأرض علته البناء والتشييد، وبقدر التشييد والبناء تتحقق الحياة، غير أن الغلو في البناء واستهلاك الأرض في العمران الزائد على حساب الطبيعة والأرض والفضاء الطبيعي مفسدة ، وآثارها القبيحة على الإنسانية والحياة، لا محالة متحققة وواقعة إن عاجلا أم آجلا.


الدفاع عن الثروات والركاز


وكما يجب الحفاظ على ما فوق الأرض من العمران، يجب الحفاظ على ما تحتوي عليه الأرض من الخيرات ومن الثروات الباطنية، والتي جعلها الله موردا للإنسانية لتعمير الأرض، وإقرار للعدل والحق في الكون، ومنبعا للحياة و الإستمرار، وإشراك الناس في كل ذلك وفق الحق والأنصاف بعيدا عن الغلو والشطط والتطفف، والأنانية وحب النفس، وكل مسؤول قدر علمه وقدرته على إقرار الحق والعدل.

إن باطن الأرض غني بالإرث الحضاري وغني بالمعادن، وأهم شيء في باطن الأرض وأكثره قيمة للحياة الماء، هذه النعمة الكبيرة التي هي مصدر البقاء، وبزوالها تنتهي الحياة، تتعرض كغيرها من النعم التي حبانا بها الله ليسعد الإنسان ويهنئ للإسراف في الإستغلال بغير حق ولا عدل فكم من الناس يموتون عطشا ويشربون مياها غير صالحة الحياة والبعض منا يبذر تلك الثروة بغير حق، وكما يحدث ذلك في الماء يحدث في المعادن الأخرى، وما أكثرها، والتي جعلها الله للناس كلهم ، وهم فيها شركاء كالهواء والذي هو الآخر لقي من التلوث والفساد ما لقيه غيره من مصادر الحياة في الكون.


الدفاع عن الكون


مسكين هذا الكون،
عم فيه الفساد،
وكثر فيه الإفساد،
وبغى فيه المفسدون
وفضل فيه الفاسدون،
وأهل الحق والعقل مفسدون،
الصدق من الفساد،
والكذب والنفاق يجنب الفساد،
والحرب والتدمير ليس فسادا،
والدفع عن المظلوم ونصرة الضعيف هي الفساد،
قتلة الأبرياء من الأطفال والنساء ليسوا فسادا،
والمطالبون بالحقوق من أهل الفساد ،
فمن يحمي الكون من الفساد،
والمفسدون في الأرض كثر،
وبكثرتهم يخشى على الكون من الفساد.

الدفاع عن العلم والمعرفة

العلم هو السلاح الوحيد الذي يبقى بين الصلحاء لتجنب خراب هذا الكون، ولا يمكن أن يتأتى هذا إلا بالدفاع عنه ، فالجهل عدو العلم وعدو الحضارة وعدو الإنسانية، هذا الجهل الذي بدأ ينتصر على العلم وأصبح الناس يبتعدون عن العلم الحقيقي الذي يقرب إلى الله وإلى الحقيقة، وكلما ابتعد الناس عن إنسانيتهم إلا جهلوا، وكلما جهلوا إلا وقتلوا المعرفة في الكون، وإذا قتلة المعرفة في الكون كثر الفساد والإفساد، وبالتالي شقي الإنسان وتعس، وكثر الظلم والطغيان، وزاغ الحق وعم البهتان.

الدفاع عن السلم


والسلم لا يتحقق إلى بالإيمان به، والإيمان به مرتبط بالدفاع عنه، و الدفاع عنه لا يكون إلا بالإقتناع به ، والإقتناع به لا يكون إلا بكبح الوازع العدواني في النفس البشرية، وإطلاق العنان للوشائج الإنسانية الفاضلة والداعية إلى الرحمة في الإنسان، عندها تصبح الدعوة إلى السلم هي الغالبة، والراغب في الحرب القتال هو الشاذ المنعزل البعيد عن الواقعية والنطق.
لكن الوقع الإنساني المؤلم اليوم لا نسمع فيه سوى إلى عويل الأبواق الداعية إلى الحروب الاقتتال، وتطبيق سياسة العنف، والتلويح، بل وإلى استعمال السلاح في حل الخلافات والنزاعات بين بني البشر.

أخي في الإنسانية ، إن الذي يحز في الإنسان اليوم أن البشرية أصبحت ميالة إلى العنف والإقتتال، بالرغم من أنها جربت ويلات الحروب والنزاعات والتي لم تجني منها سوى الدمار والألم للإنسانية، والضريبة الكبيرة تدفعها دائما الإنسانية.

هكذا بدأ المتعطشون إلى الدماء والميالون إلى العنف يتقلدون مناصب المسؤولية ويملون اختياراتهم العنيفة ضد الإنسانية، فيقررون الحروب والحصار على الأمم الضعيفة والفقيرة، ويشنون العدوان على الأبرياء من بني البشر،ويتعللون في ذلك بأطروحاتهم المغالية في التخويف من العدو المجهول الهوية ، وبدعوى تهديد الإنسانية.

إن العدو الأكبر اليوم للكون، هو الذي يهدد السلم العالمي، وهو الفقر، فالسلم أساسه الأمن الإقتصادي والإجتماعي للإنسانية، ولن يتحقق السلم مادام في الأرض محرومون وجياع بلا كرامة ولا أمن غذائي ولا ماء و أحيانا بلا لباس يستر عوراتهم ، فكيف سيتحقق السلم إذا.




الدفاع عن الدين


والدين من أقدس الحقوق التي يجب احترامها والدفاع عنها، ورغم أن القوانين في الغالب تقر بهذا الحق، فإن الواقع اليوم يظهر، وفي نطاق التغاضي من جهة ودعوى الحريات من جهة ثانية، أن الدين أصبح عرضة للمس من كل من هب ودب ، بدون مراعاة للأحاسيس ولا للمشاعير الإنسانية الحقة والتي تحترم الأديان الحقة والمقدسات الدينية بدون أي تمييز ولا عنصرية، فمن العار أن لا تدافع الإنسانية وكل من فيه شرف هذه الإنسانية على الأنبياء والرسل والكتب المقدسة إذا تعرضت إلى المس من بعض الجهلة، وذلك بالإنصاف وإرجاع الأمور إلى نصابها.

إن الجهال والمغرضين والحاقدين والذين في نفوسهم مرض ،لا يجب إسماع صوتهم ، بل يجب مقارعة أفكارهم وضلالهم بالحكمة والمعرفة الحقة، وتشجيع رجال الدين المخلصين والصالحين واحترامهم ومد العون لهم وتمكينهم من الدعوة إلى الله والدين الحق، بعيدا عن التعصب والتطرف والغلو، حتى يتمكن الناس من معرفة الحقيقة، وبذلك تتحقق النصرة والدفاع عن الدين.



الدفاع عن الإنسانية


من دافع على ما سبق فقد دافع عن الإنسانية،
وبالدفاع عما سبق يتحقق الدفاع عن الإنسانية،
والإنساني الحق هو الذي يدافع عن الإنسانية.